كحركة أو يوم بحران وغيره ردئ يدل أصفره على استيلاء الصفراء كمرة ومالحه وغليظه على تكاثف الفضلات وبارده على البرد وحاره على العفونة وحامضه على السوداء والبلغم العفن كذلك.
[والبخار] وهو كالعرق إلا أنه أخف تحليلا وأرق فضلة والمصعد له فوق مصعد العرق من الحرارة ودلالتهما واحدة لكن البخار في صحيح المزاج لا يكاد يحس وفى غيره إن زادت الحرارة خرج من الرأس أو قصرت وتشبثت بالعفن والغريبة مال إلى جهة الفم والآباط في الدمويين ونحو العانة في البلغميين والرجلين في السوداويين وحيث خبثت رائحته أو صار له جرم في منابت الشعر دل على غلظ الخلط واحتراقه وعفونته [والنفث] هو ما دفعته الطبيعة إلى جهة الفم ويدل رقيقه على شدة الحرارة والأصفر منه على استيلاء الصفراء والأسود على الاحتراق والمنتن على القروح ووقوعه مع سلامة الصدر غلبة في الاخلاط ومع الدم فساد في الصدر وما يليه ومع الحمى سل إلى غير ذلك [واللبن] وتدل قلته على قلة الغذاء حيث لا حرارة وإلا فعلى الاحتراق وغلظه مع البياض على البلغم والكمد على السوداء أو العكس [ودم الحيض] كذلك لا تحاد المادة بالفاعل وتقدم الكلام على علاجه [فراسة] الفراسة علم بأمور بدنية ظاهرة تدل على ما خفى من السجايا والأخلاق وأول من استخرجه فليمون الرومي الطرسوسي في عهد المعلم فقبله وأجازه ثم توسع الناس فيه حتى استأنس المسلمون له بقوله عز وجل (وإن في ذلك لآيات للمتوسمين) أي للمتأملين في تراكيب البنية وتناسب أجزائها وارتباطها بالأصول. وعلامات هذه الصناعة إما فعلية كسرعة الحركة على الحرارة أو بدنية كامتلاء الأعضاء عليها وكبر الدماغ على العقل، وكلها إما دالة على حسن الخلق كالساع الجبهة أو عكسه كغلظ الانف والشفة أو الخلق كتناسب الأعضاء على اعتدل المزاج، أو على الافعال النفسية كسعة دائرة الكف على السخاء أو الحيوانية كغلظ الشفة العليا على الغضب، أو الطبيعية كرقة الشعر على السدة. فهذه أصول هذا الفن وهى مأخوذة من أصلين التجربة على طول الزمان فإنهم حين تأملوا غالب الاشخاص وما يصدر عنها عدوا ما استمر مطابقا أصلا يرجع إليه.
وأصلها الثاني القياس على الحيوانات العجم فان صاحب الصناعة صرح بأنه إنما حكم على واسع الصدر غليظ المنكبين بالشجاعة قياسا على الأسد فإنه كذلك ولم يجعل هذه العلامات دليلا على الكرم مع أن الأسد كريم لاتصاف النمر بها وهو شحيح شجيع وهكذا باقي الاحكام فلا بد من النظر في تركيب العلامات ولزومها ومشاركتها فلذلك قال الطرسوسي وعلمي هذا حرام على الأغبياء لا حتياجه إلى صحة الفكر والحذاقة. ثم الكلام في ذلك بحسب أجزاء البدن المدركة فلنتكلم عليها فنقول: الشعر خشونته شجاعة ويبس والعكس عكسه وكثرته على العنق والكتفين حمق والصدر بلادة والبطن شبق ونكاح والصلب قوة وشجاعة وكذا انسباله، وفى الحاجبين غم وحزن فان امتد إلى الصدغين فنباهة وفضل وفى اللحية نقص في العقل وخفة وفى الرأس حرارة وسوء خلق وفى العانة ذكاء وفطنة وصفاء وعلى الساقين عقل وشجاعة وخفته عكس ما ذكر (وأما السحنة) فكبر الرأس تدبير وعقل وشجاعة ونتوء الجبهة فهم وعلم وضيقها غضب وغلظ جلدها وقاحة وبلادة وصغرها واستدارتها جهل وتساويها شر وخصومة وكذا دقة الانف وطوله طيش وخفة وفطسه شبق وغلظه بلادة كالشفة وسعة الفم شجاعة وتفريق الأسنان ضعف وطولها فهم وقلة صبغ اللون مرض وبروز الجبهة والعين كسل وغور العين خبث واسودادها جبن وميلها إلى أعين الحمير جهل وبلادة وتأنثها شبق وفرط جمودها مكروجبن وحركتها خداع وغدر وصلف وعظمها مع الحركة كسل ومحبة النساء وصغرها مع الحركة والزرقة شبق ووقاحة ومكر وغدر