خصوصا الطافي أبيض متناسب الاجزاء لدلالة ذلك على تمام النضج مستديرا أملس لاحكام الطبيعة له طيب الرائحة لعدم العفونة وأن يوجد في الزمن الرابع، لأنه يدل على انتباه الطبيعة وأن يكون مناسبا لما اغتذى به لتعلم به سلامة الأعضاء الأصلية وما عداه ردئ في الغاية إن خالف ما ذكروا وإلا فبحسبه.
* (فروع: الأول) * قد علمت أن الرسوب الطافي غير جيد مع أن أبقراط يقول إذا طفا الأسود على الصحة ودونه إن تعلق ولا خير في السافل فإن كان هذا تخصيصا من تعميم فلا بد من النص عليه كما نبه عليه الفاضل أبو الفرج وإلا لزم المناقضة والنظر في الاصواب (الثاني) وقع الاجماع منهم على أن الشفاف خير كله لدلالته على اللطافة وعندي فيه نظر لانهم أجمعوا على أن الشفافية من اللطف والكدورة من ضده فالكدورة وكل كثيف حابس للريح فيكون المتعلق كثيفا مع أنه يجب أن يكون ألطف خصوصا الطافي وأيضا اللطيف لا يكون إلا لمخالطة الأرواح فيكون أخف فيجب أن لا يرسب وأن يكون دالا على عجز الطبيعة حتى حللت الأرواح وكلامهم يخالفه وهى شكوك فلسفية ليس لهم عنها جواب (الثالث) أطلقوا القول في الرسوب زمنا وغيره مع أن لنا زمنا وسنا ومرضا وغذاء قد لا يتأتى فيها رسوب أصلا كالصيف والشباب وحمى الغب وكثير الصوم وتناول نحو السكر لفرط الحرارة المحللة في ذلك فكيف ينظر وعكس المذكورات لا ينفك عن الرسوب أصلا فكيف يحكم بأنه إن عم زمن المرض أو أوله كان رديئا وإلا جيدا والحق الذي يظهر أنه لابد من مراعاة ذلك (الرابع) أن الرسوب المحمود قد وصف بالبياض والاستدارة والشفافية وذلك مما يشترك فيه البلغم الخام والمرة والفرق أن الراسب متى اشتدت لزوجته فلم يتحرك بحركة الماء سريعا، فإن كان محمرا مختلف الاجزاء فهو خام ومتى احترق عند نزوله وكان نتنا وسبقه دم أو ورم وانفصل بالتحريك سريعا وأبطأ في عوده فهو مرة وكيف كان فلا بد وأن يكون الماء مع الرسوب المحمود إلى النار نجية بخلافه معهما.
* (فائدة) * إذا وجد الرسوب مرة وعدم أخرى فان دلت باقي العلامات على تنبيه الطبيعة ففي العروق أخلاط نضيجة وفجة ولابد من طول المرض وإلا فالطبيعة تتنبه مرة وتعجز أخرى. واعلم أنهم كثيرا ما يطلبون الكلام على لون الرسوب ولا طائل فيه لأنه كالسابق في دلالة الأصفر على الحر والكمد على البرد نعم الأحمر من الرسوب يدل على طول المرض وغلبة السلامة هذا كله حيث كان الرسوب من جواهر الاخلاط أما متى كان من جواهر الأعضاء فالامر فيه مشكل والأصل فيه الرداءة لعدم قدره الطبيعة على توليد الغذاء أو حماية الأعضاء، ثم هذا المتحلل مختلف، فان تحلل الشحم أسهل من تحلل القشر مثلا ويسمى تحليل الشحم عندهم ذوبانا ويكون زيتوني اللون في المبدأ والقوام في الوسط والكل في النهاية، ويعرف الأول بالاشراق والصفرة ومخالفة الرقيق الغليظ في اختصاص الصبغ في الأول بالرقيق ومتى صبغ في القوام فمصبوغ في اللون دون العكس هذا حاصل كلام كثير أطال فيه الملطي وغيره، ثم إن انفصل عن البول وكثر مقداره وخرج متسلسلا مع حرقة فمن الكلى للقرب وكثرة الشحم هناك وإلا فمن باقي الأعضاء كذا قالوه وعندي أنه ليس بشئ لجواز ما ذكر في غير الكلى، والحق أن الذوبان إن كان إلى البياض والحمرة فمن الكلى أو إلى الخضرة فمن قرب المثانة وكلا المحلين تلزمه الحرقة فان خلص إلى البياض فما يلي المعدة أو إلى السواد فمن الطحال أو كانت له رائحة فمن جداول الأمعاء وهذا التفصيل آت في باقي الأنواع. واعلم أن