من القواعد في هذا التحلل أن الحمى لا تفارق تحلل الأعضاء العليا بخلاف الكلى فمادونها ووجع القطن لا يفارق الكلى وحكة العانة والحرقة فيهما والمثانة. قال الفاضل الملطي وأن يكون المتحلل من فوق الكلى أدكن اللون وهذا ليس بظاهر لأنه إن كان من لحمية فلا بد من حمرة أو منوية فلا بد من بياضه وإن صبغه البول فلم يحرقه، وسموا ما يتحلل من سوى الشحم كرسنيا إن استدار وتفتت ويدل على فرط الحرارة، وصفائحيا إن خرج قطعا رقاقا وهو أردأمن الأول ونخاليا ما تحلله الغريبة من سطوح متباعدة فلذلك هو أشد رداءة وخراطيا ما تحلله الغريزية ويسمى قشريا ودشيشيا وهو أصلب أجزاء من النخالى ويقع في الدق، ومتى كان في خصاب الأبدان فلا بد من الموت لدلالته على قهر الطبيعة حتى بلغ التحلل أصل الأعضاء ورمليا وربما يدل على انعقاد الحصى في نواحي الكلى إذا كان أحمر وإلا دونها وخمريا يدل على نحو القولنج والرياح المحتبسة (وخامسها) جنس الزبد وأكثر أحكامه تعلم من الرسوب، وحاصل الدلالة فيه راجعة إما إلى اللون ويدل غير الأبيض منه على اليرقان وهو على نحو البرص أو إلى الكثرة والقلة ويدل كثيره لعسر الافتراق على الرياح واللزوجة والمتشتت على البلغم والاحتراق (وسادسها) جنس الصفاء والكدورة ويدل الصفاء على اللطف وقصر المدة وبالعكس (وسابعها) جنس الرائحة ويدل عدمها على استيلاء البرد وحمضها على الغريبة والعفونة وحلاوتها على فرط الدموية والحدة وأسقط المتأخرون جنس الذوق واللمس للاستقذار والاكتفاء بغيرهما.
* (تتمة) * في أحكام البراز وهو الفضلة الغليظة الكائنة عن الهضم الأول. والقول في دلالته ذاتا وعرضا ما مر في البول وأجوده ما اعتدل كما وكيفا وتناسبت أجزاؤه لدلالة ذلك على استحكام النضج وصحة الآلات، زاد أبقراط وكان مناسبا لما ورد على البدن قال الفاضل أبو الفرج وكان خروجه زمن المرض كخروجه زمن الصحة وكان مرتين في النهار وواحدة في السحر وهذا كلام غير ناهض ولا صالح في التعريف. أما كلام أبقراط فمنقوض بما يلزم من خلو البدن عن الانتفاع بالغذاء فان الخارج إذا كان كالداخل فمن أين قوام البدن وإنما يعتبر الغذاء بحسب ما يكون منه فيصبح كلامه في نحو الباقلا تقديرا ويبطل في نحو الفراريج قطعا، وأما كلام هذا الفاضل فمنقوض إلى الغاية باختلاف الأمزجة والأغذية وقياس المريض على الصحيح فاسد لقلة تناوله، وأما عدد القيام فأعدل الناس فيه ما قام مرة في الدورة ولزمت وقتا معينا ثم البراز إن زاد على ما ينبغي أنذر بتحليل وضعف في الماسكة واندفاع فضول وعكسه ينذر بالقولنج وضعف الدافعة واستيلاء احتراق واحتباس فضولي ثم دلالته من حيث اللون والقوام ما سبق في البول بعينه من أن أصلحه النارنجي المعتدل القوام وأن الأحمر يدل على الامتلاء وطول المرض والأسود أول المرض على الهلاك لما علم من أن شأن المرة السوداء تتخلف آخرا فسبقها دليل عجز مفرط وأن المعتدل خير من الرقيق والغليظ.
* (تنبيه) * قد عرفت أن دلالة البول والبراز على حال البدن إنما هي بتوسط مرورها على أجزائه فكلما كان كذلك كان دالا ولا شك أن لنا فضلات أخر وهى [العرق] فإنه من بقايا المائية النافذة إلى الأقاصي للتغذية فلا يبلغ الرجوع فيتحلل من المسام تحللا محسوسا فإن كان بلا سبب ووقع في مدة النوم فلعجز الطبيعة على الغذاء لضعف الآلات أو لكثرة ما أخذ منه، ومتى عم فالفضلات عامة وإلا ففي العضو الذي يعرق وأجوده المعتدل لونا وطعما وريحا كالواقع بسبب