وأما في المعاملات فهو أن العبادات تكون متعلقات الأحكام، والمعاملات تكون موضوعاتها، والأحكام في المعاملات متعلقة بالخارج النافذ، أي كل ما صدق عليه البيع المملك والناقل، صدق عليه أنه الصحيح، فعلى هذا لا معنى لنفي قابليتها عن الجعل، ضرورة أن حكم الشرع بحصول الأثر مبدأ ذلك الوصف، فهو قابل للجعل تبعا.
فتحصل: أن باب العبادات غير باب المعاملات، فإن الأحكام في الأولى تعلقت بالطبائع، وفي الثانية هي موضوعاتها على ما تحرر منا في محله.
وإذا كان الأمر كذلك فالصحة في الأولى لا توجد إلا بعد وجود الطبيعة، وأما في الثانية فقد فرض الشارع تلك الطبيعة موجودة، وحكم بحصول الأثر، فالحكم بحصول الأثر والنفوذ والحلية بعد الوجود المفروض، وبعد ذلك يعتبر الصحة، فهي في العبادات توجد بعد وجودها وإن كان الحكم قبله فعليا تاما لا يكفي لوجودها، بخلافها في العبادات، فإنها فيها توجد بعد الحكم، فهي من توابعه ومجعولاته التبعية فلاحظ وتدبر.
أقول: يتوجه عليه:
أولا: أن البابين من باب واحد، ولا يعقل تعلق الحكم بالوجود المفروض وجوده، ضرورة أن ما وجد في الخارج مفروضا، فهو في مرتبة ذاته: إما يكون مؤثرا أولا، فإن كان مؤثرا فلا حاجة إلى الحكم