- ثم قام ذلك المقام المشهود، أمام مائة ألف أو يزيدون!
ألا يدل ذلك، بل بعض منه، على أنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد لهذا الأمر أن ينال الحظ الأوفر من اهتمام الناس، والثبات في الأذهان، والانتشار في الأقطار والأمصار، إلى درجة تبلغ فيها الحجة كل المسلمين، وفي كافة أقطارهم؟
بلى، إنها كانت بيعة على الأشهاد، تولى إبلاغها خير الخلق وسيد العباد، ثم لم يصرفهم من تجمعهم الكبير، ولا اختتم كلامه حتى أشهد الله عليهم، وأشهدهم على أنفسهم، وفرض عليهم تبليغها في بلدانهم بشكل لم يفرضه على أمر آخر، أو خطبة أخرى، فكرر القول:
" ألا هل بلغت "، اللهم اشهد ".
و " إنكم مسؤولون، فليبلغ الشاهد منكم الغائب ".
وبعد هذا البيان، نعود إلى كلامه الذي اقتطعناه عند قوله: (ونحن نورد عيون ما روي في ذلك، مع إعلامنا أنه لاحظ للشيعة ولا متمسك لهم ولا دليل، لما سنبينه وننبه عليه، فنقول، وبالله المستعان: قال محمد بن إسحاق...).
ثم بدأ بسرد روايات خطبة الغدير، حتى أتى على إحدى وأربعين رواية - بالتفصيل الذي وصفناه - وجعل آخرها رد الحافظ الذهبي على رواية أبي هريرة، ثم وصلها مباشرة بما أراده أن يكون دليلا على عدم صحة الاستدلال بهذه الروايات على خلافة علي بن أبي طالب، ولأجل المزيد من الاطمئنان من عدم قطعنا كلامه، نعود إلى حيث انتهينا عنده من رد الحافظ الذهبي، لنأتي بالحديث إلى آخره:
قال - الحافظ الذهبي - وصدر الحديث متواتر، أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاله، وأما " اللهم وال من والاه " فزيادة قوية الإسناد، وأما