وعندما رحت أتعجب من هذا الانقسام، عدت مع هذه الواقعة إلى الوراء، فإذا الناس من حينها كحالهم الآن، فهم بين من حمل الحسين مبدءا، وتمسك به إماما وأسوة، ودليلا إلى طريق الفلاح، فوضع نفسه وبنيه دون أن يمس الحسين، وبين من حمل رأس الحسين هدية إلى يزيد!!
وبين هذا وذاك منازل شتى في القرب والبعد من معالم الحسين..
وأشياء أخرى تطول، فقد استضاءت الدنيا كلها من حولي، وبدت لي شاخصة معالم الطريق..
فرأيت الحكمة في أن أسلك الطريق من أوله، وأبتدئ المسيرة بالخطوة الأولى لتتلوها خطى ثابتة على يقين وبصيرة..
وابتدأت، وإن كانت الأيام تشغلني بين الحين والحين بما يصد المرء عن نفسه وبنيه، إلا أني أعود إذا تنفست فأتابع الخطى.
وقد حملت الصفحات الآتية أهم تلك الخطى، ولم أكن أفقد احساسي بمدد الله تعالى وتوفيقاته ما دمت أشعر بالقرب منه جل جلاله..
وهو حسبي..
* * *