قال ابن أبي عتاب: فلقيت أنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان فسألته عنه، فقال عن أبيه: لم نر أهل الخير في شئ أكذب منهم في الحديث (1).
أما كيف بلغ الأمر هذه الدرجة من الخطورة، فإليك قصته كاملة:
قال ابن أبي الحديد: روى المدائني في كتاب (الأحداث) قال:
كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا في فضل أبي تراب، وأهل بيته.
فقامت الخطباء في كل كورة، وعلى كل منبر يلعنون عليا، ويبرؤون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته!
وكان أشد الناس بلاء أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة علي عليه السلام، فاستعمل عليهم زياد بن سمية، وضم إليه البصرة، فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام، فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم، وشردهم فلم يبق فيها معروف منهم..
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل بيته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم، وقربوهم، واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك، حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويفيضه عليهم في العرب والموالي وكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فلبثوا بذلك حينا.