فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليه السلام، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه، أو طريد في الأرض!
ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين عليه السلام.
وولي عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة.
وولي عليهم الحجاج فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي، وموالاة أعدائه، وموالاة من يدعي من الناس أنه من أعدائه.
فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم.
وأكثروا من الغض من علي عليه السلام وعيبه، والطعن فيه، والشنآن به!.
حتى أن إنسانا وقف للحجاج فصاح به: أيها الأمير، إن أهلي عقوني فسموني عليا، وأنا فقير بائس!
فتضاحك له الحجاج، وقال: للطف ما توسلت به قد وليتك موضع كذا!
- فلم يقتصر الأمر على ما كان في عهد معاوية إذن.
قال ابن أبي الحديد: وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه (1) - وهو من أكابر المحدثين - في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة اختلقت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم (2)!