بالنبال (1). وبدأت المبارزة بين الفريقين، ووقف رجل وقال: يا حسين أبشر بالنار. فقال له الحسين: كلا، ويحك إني أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع، بل أنت أولى بالنار، وكثرت المبارزة بين الفريقين والنصر في ذلك لأصحاب الحسين، لقوة بأسهم، وأنهم مستميتون لا عاصم لهم إلا سيوفهم. فأشار بعض الأمراء على عمر بن سعد بعدم المبارزة (3). وبعث عمر نحوا من خمسمائة رجل فجعلوا يرمون خيول أصحاب الحسين فعقروها كلها، حتى بقي جميعهم رجالة.
وأمر ابن سعد بحرق الأبنية التي تحمي أجناب قوات الحسين. فقال الحسين:
دعوهم يحرقونها فإنهم لا يستطيعون أن يجوزوا منها وقد أحرقت (4). ونادى ابن الحجاج أمير ميمنة جيش ابن زياد: قاتلوا من مرق من الدين وفارق الجماعة.
فقال له الحسين: يا عمر بن الحجاج أعلي تحرض الناس، أنحن مرقنا وأنتم ثبتم عليه؟ أما والله لتعلمن لو قبضت أرواحكم، ومتم على أعمالكم، أينا مرق من الدين، ومن هو أولى بصلي النار (5).
إن المعركة تكشف فيما تكسف عن سياسة الترقيع والتشويه، وعن انتاج ثقافة السب حيث الجيل والعصر الذي ضيع الصلاة. واتهام الحسين بأنه من أهل النار، وأنه مارق من الدين، دليل قاطع على أن الرحلة الأموية كارثة كبرى في بدايتها فما بالك بها عند نهاية الطريق، ففي أول الطريق ضاع الدين ورموز الدين، فبأي وقود تسير القاطرة بعد ذلك؟ ثم انظر إلى هذا الجندي الأموي الذي ضاعت الصلاة في عهودهم، ماذا قال عندما سمع الحسين يقول: مروهم فليكفوا عن القتال حتى نصلي. لقد قال للحسين إن الصلاة لا تقبل منكم. فرد عليه أحد جنود الحسين قال له: ويحكم أتقبل منكم ولا تقبل من آل رسول