ويقرأ القرآن خلف لا يجاوز تراقيهم، ويكون القتال فيه على الملك. فعلوم الفتن إنتاج طبيعي لمقدمة ذهب فيها العلم. ومعنى: ذهب فيها العلم. أنه لا يوجد إلا في المكان الذي ذهب إليه. ومشاعله لا توجد إلا في المكان الذي توارت فيه.
2 - دائرة الرؤية الفرعونية:
والوليد بن عبد الملك الذي وصف بأنه " قليل العلم " (1)، وأنه كان " لا يحسن العربية، وجمع أهل النحو فأقاموا عنده فخرج يوم خرج أجهل مما كان " (2)، الوليد هذا كان رأس دائرة تتأول كتاب الله على طريق الفتنة، كما تأول فرعون صفحة الوجود فنادى " ما أريكم إلا ما أرى "، وكما التقط الفرعون الزاد من تراث آبائه. كذلك فعل الوليد بن عبد الملك. لقد كانت دائرة القدر أهم دائرة تجول فيها بني أمية والتقطوا منها كل ما يستقيم مع أعمالهم، ثم قذفوا بما التقطوه إلى علمائهم ليتأولوه، ويضعوا عليه رداء الدين ليعبر إلى الغالب الأعم من الأمة بكل سهولة وبكل يسر. والكلام في القدر كلام قديم. قال تعالى:
(سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم ألا تخرصون) (3). يقول الآلوسي في تفسيره: ولم يريدوا بهذا الكلام الاعتذار عن ارتكاب القبيح... بل هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وأنهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى، وإن ما ارتكبوه حق ومشروع، ورضي الله عنه بناء على أن المشيئة والإرادة تساوي الأمر وتستلزم الرضا. فيكون حاصل كلامهم: إن ما ارتكبوه من الشرك والتحريم وغيرهما مما تعلقت به مشيئة الله وإرادته، وكل ما تعلقت به مشيئة الله وإرادته فيه مشروع