معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٨٤
من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد، فقالوا: والله لا نفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء، نقيك بنحورنا، وجباهنا، وأيدينا، فإذا نحن قتلنا، كنا وفينا وقضينا ما علينا (1).
وقام الحسين وأصحابه إلى الصلاة، فقاموا الليل كله، يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون. والحسين يقرأ قوله تعالى: (ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خيرا لأنفسهم. إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) (2).
وفي الصباح، وكان يوم سبت، وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء، خرج الحسين فيمن معه من الناس. وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا، فعبأهم وصلى بهم صلاة الغداة، وجعل البيوت في ظهورهم وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت تحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم (3). وكل ذلك من باب الأخذ بالأسباب. وروي أن الحسين رفع يده ودعا الله تعالى، فلما دنا منه القوم، دعا براحلته، فركبها ثم نادى بأعلى صوته: أيها الناس، اسمعوا قولي، ولا تعجلوني حتى أعظكم بما هو حق لكم علي، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري، وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف، كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم علي سبيل. وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم " فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة. ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. " فلما سمع أخواته كلامه هذا، صحن وبكين، وبكى بناته فارتفعت أصواتهن. فأرسل إليهن أخاه العباس بن علي، وعليا ابنه، وقال لهما: أسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن. فلما سكتن حمد الله وأثنى عليه، وذكر الله بما هو أهله، وصلى على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملائكته وأنبيائه، يقول الضحاك: فوالله ما

(1) البداية 177 / 8، الطبري 239 / 6.
(2) الطبري 240 / 6، البداية 178 / 8.
(3) الطبري 241 / 6.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459