الناس " (1). وفي رواية عند الإمام أحمد والحاكم وأبو داوود بزيادة " حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وينزل عيسى بن مريم " (2). وكثير من الشراح ذكر أن أمر الله هنا هو المهدي المنتظر الذي ينزل عيسى بن مريم في زمانه. ومن المحفوظ أن المهدي من أبناء علي بن أبي طالب وفاطمة ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان المهدي خاتمة فلا بد من البحث عن المقدمة لنعرف من هم أصحاب هذه الطائفة.
إن دائرة الخيرية دائرة أصيلة في الوجود، لم يكسرها ظلم بني أمية وبني العباس. ولا تعرف الدائرة بالكثرة، لأن الحق حق وإن قل أتباعه، والباطل باطل وإن كثر أتباعه. ولا يمكن لباحث أن يهمل الكثرة من هذه الأمة، وأن يحسبها ضمن مربع الحكام. فالتاريخ يشهد بأن الحكام كانوا في واد والجماهير في واد آخر. إن السواد الأعظم من الجماهير لم يلتف حول الحكام، وإنما انطلقوا في ربوع الأرض ينشرون الإسلام وتعاليمه السمحة التي تحتضنها فطرة الباحثين عن الحقيقة. لقد التفت الجماهير حول الزهاد الأوائل الذين لا يملكون من حطام الدنيا شيئا، وبنوا لهم الأضرحة بينما لم يلتفوا حول الطغاة ولم يسألوا عنهم أين دفنوا. وبصرف النظر عن شرعية بنا الأضرحة إلا أن هذا العمل كان تعبيرا مقصودا أو غير مقصود للنفسية الإسلامية المحتقنة من دائرة الحكام الذين فرضوا أنفسهم فرضا على الجماهير وساقوهم إلى عالم الجبرية والطاغوت.
إن الجماهير الإسلامية قامت بنشر الدعوة، وأقامت حضارة فطرية غير حضارة الملوك، وهذه الحضارة هي الباقية ولن تعلوا عليها حضارة حتى يأتي أمر الله.
ب - إفرازات فكرية:
ذكرنا فيما سبق المذاهب القديمة التي قامت في العصر الأموي، ونبتت