فعقلها وأقبلوا يزحفون نحو (1).
قال كثير بن عبد الله الشعبي: لما زحفنا قبل الحسين، خرج إلينا زهير بن القين فقال: يا أهل الكوفة، نذار لكم من عذاب الله نذران. حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم. ونحن الآن إخوة وعلى دين واحد وملة واحدة، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منا أهل، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنا أمة وأنتم أمة، إن الله ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنا ندعوكم إلى نصرهم، وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد، فإنكم لا تدركون منهما إلا بسوء عمر سلطانهما كله ليسملان أعينكم، ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويمثلان بكم، ويرفعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقراءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه، وهانئ بن عروة وأشباهه. وعند ما قال لهم زهير ذلك، سبوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له، وقالوا: والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله سلما. فقال لهم: عباد الله إن ولد فاطمة رضوان الله عليها أحق بالود والنصر من ابن سمية. فإن لم تنصروهم، فأعيذكم بالله أن تقتلوهم، فخلوا بين هذا الرجل وبين يزيد بن معاوية... فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم وقال: اسكت اسكت الله نأمتك أبرمتنا بكثرة كلامك. فأقبل زهير على الناس رافعا صوته: عباد الله، لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه فوالله لا تنال شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم قوما هرقوا دماء ذريته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم. فناداه رجل من معسكر الحسين: يا زهير، أن أبا عبد الله يقول لك أقبل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ (2).
وهكذا قامت الحجة عليهم من كل اتجاه، ليقفوا عراة أمام التاريخ، ويقفوا في الدائرة الأضيق عندما يعرضون على الله قاصم الجبارين. وبينما كان أبناء