وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفاء. وخرجت زينب، ابنة فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنادي: يا أخياه ويا ابن أخاه، فجاءت حتى أكبت عليه. فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردها إلى الفسطاط. وأقبل الحسين إلى ابنه، وأقبل فتيانه إليه، فقال: احملوا أخاكم. فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه (1). ثم قتل عبد الله بن مسلم بن عقيل، ثم قتل عون، ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر، ثم قتل عبد الرحمن وجعفر ابنا عقيل بن أبي طالب، ثم قتل القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (2). وعن حميد بن مسلم قال: وخرج غلام كأن وجهه شقة قمر في يده السيف. عليه قميص وإزار، ونعلاه قد انقطع " شسع أحدهما. فقال عمرو بن سعد بن نفيل: والله لأشدن عليه. فقيل له: سبحان الله وما تريد إلى ذلك، يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم. فقال: والله لأشدن عليه، فشد عليه، فما ولي حتى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، وقال: يا عماه. فجلى الحسين كما يجلى الصقر، ثم شد شدة ليث أغضب، فضرب عمر بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها من لدن المرفق، فصاح ثم تنح عنه. وحملت خيل الكوفة ليستنقذوا عمر من الحسين... فاستقبلت عمر بصدورها، وحركت حوافرها، وجلت الخيل بفرسانه عليه، فتوطأته حتى مات. وقام الحسين على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه. والحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك. ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك، صوت والله كثر واتره وقل ناصره، ثم احتمله وكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض، وقد وضع الحسين صدره على صدره، ثم جاء به حتى ألقاه مع ابنه الأكبر ومع من قتل من أهل بيته فسألت عن الغلام فقيل: هو القاسم بن الحسين بن علي بن أبي طالب (3).
(٢٩٣)