وإلى ملك لا يبلى. فقال: السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى أهل بيتك، وعرف بيننا وبينك في جنته. فقال: آمين آمين فاستقدم فقاتل حتى قتل (1).
ثم آتاه أصحابه مثنى، وفرادى يقاتلون بين يديه، وهو يدعو لهم ويقول:
جزاكم الله جزاء المتقين. فجعلوا يسلمون على الحسين ويقاتلون حتى يقتلوا. ثم جاء حبس بن أبي شبيب، فقال: يا أبا عبد الله، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز علي منك، ولو قدرت أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشئ، أعز علي من نفسي ودمي لفعلته. السلام عليك يا أبا عبد الله، اشهد لي أني على هديك. ثم مشى بسيفه صلتا وبه ضربة على جبينه، فنادى: ألا رجل لرجل، ألا ابرزوا إلي. فعرفوه - وكان من أشجع الناس - فنكلوا عنه. ثم قال عمر بن سعد: أرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره، ثم شد على الناس، فكرد أكثر من مائتين بين يديه، ثم إنهم عطفوا عليه من كل جانب فقتل رحمه الله. وأخذ رأسه. عدد من الرجال، كل يدعي قتله، فأتوا به عمر بن سعد فقال لهم: لا تختصموا فيه فإنه لم يقتله إنسان واحد. ففرق بينهم بهذا القول (2).
وقاتل زهير بن القين بين يدي الحسين قتالا شديدا، فشد عليه كثير بن عبد الله، ومهاجر بن أوس فقتلاه (3). وكان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمر، وكان أول قتيل من بني أبي طالب يومئذ، على الأكبر بن الحسين بن علي. فلقد أخذ يشد على الناس وهو يقول:
أنا علي بن حسين بن علي * نحن ورب البيت أولى بالنبي تالله لا يحكم فينا ابن الدعي وبينما هو يقاتل، اعترضه مرة بن منقذ فطعنه، واجتمع عليه الناس فقطعوه بأسيافهم، فقال الحسين: قتل الله قوما قتلوك يا بني، ما أجرأهم على الرحمن .