يزعم أنه أولى منه إذا كان الأمر كذلك " (1).
إن هذا التحليل يلتبس بعضه على بعض، ولا يقود أي باحث إلى حقيقة.
فلا يوجد نصا واحدا يقول أن عمروا خاف على الأمة ففعل ما فعل، ولا يوجد نصا يقول أنه اتفق على الأشعري على عزل علي وحده. والإسلام لا يقر أن عدم طاعة مصر من الأمصار لأمير المؤمنين ويعطي الحق لمن يطيعه رجاله في مصر آخر بأن تغير على الأطراف ليقتل ويسرق، تحت لافتة أن هذا هو المقصود من الإمارة والحالة هذه. والإسلام لا يقر أيضا أن يقوم الأولى بقتل الأطفال وعرض النساء المسلمات في الأسواق. علما بأن الأمة لم تعط لمعاوية لقب " الأولى " في حياة علي، والخلاصة: أننا نفهم أن بتر النصوص عند الحديث عن أهم الأحداث التاريخية دون توضيح لا يكون مفيدا للباحث في جميع الأحوال.
5 - ليلة بكى فيها القمر:
روي أن عليا خطب الناس بعد أن تخاذلوا عنه فقال: " أيها الناس إنكم قد أبيتم إلا أن أقولها، ورب السماوات والأرض. أن من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلي: " إن الأمة ستغدر بك بعدي " (2). لقد أعلنها الإمام واضحة جلية على أسماعهم. إن أفعالهم التي بها يستحقون الثواب والعقاب. الله تعالى أعلم بها من أنفسهم، وأنهم اختبروا لينظر الله كيف يعملون. وأن نتيجة أعمالهم عهد بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي. وعلى هذا فإن الإمام كان يعلم أن الضربة التي ستأتيه، ستأتيه من طريق غدر طويل. وعلى الرغم من هذا فإنه على امتداد هذا الطريق لم يكن يعبأ بما سيفعله أهل الغدر. وإنما كان يدعو ويصحح الأخطاء فكان بذلك شاهد على جيل الصحابة، وكان السلف بذلك شاهد على الخلف. فالإمام هو الإنسان الوحيد الذي قاتل داخل سور الأمة على تأويل