الله (1). وفي رواية الطبري قال له: زعمت الصلاة من آل رسول الله لا تقبل، وتقبل منك يا حمار (2). فهذا دليل على مدى السقوط الذي انحدرت إليه الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأقل من خمسين عاما، وليس بعد ثلاثة قرون. وبعد أن قامت القوات الأموية برفض المبارزة، وهي قانون قتالي لا خلاف عليه. وبعد أن وجهت النبال إلى خيول الحسين، وحرقت الأبنية التي تحمي أجنابه. يقول ابن كثير: كان الرجل من أصحاب الحسين إذا قتل بان فيهم الخلل، وإذا قتل من أصحاب عبيد الله بن زياد الجماعة الكثيرة لم يتبين ذلك فيهم لكثرتهم (3). فالقوات الأموية في الأساس يتمتعون بكثرة عددهم، ولكنهم كانوا أكثر جبنا، فهم خائفون ولكنهم بما لديهم من عتاد، يضربون في كل مكان حتى أخبية النساء ما سلمت منهم.
وروي أن حبيب بن مظاهر، قاتل بجانب الحسين قتالا شديدا، فضربه رجل بالسيف على رأسه فقتله. وحمل عليه آخر فطعنه فوقع، فنزل إليه الذي ضربه بالسيف فاحتز رأسه. فقال له الذي طعنه إني لشريكك في قتله. فقال الآخر: والله ما قتله غيري. فقال الذي طعنه وهو من بني تميم: أعطنيه أعلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا أني شاركت في قتله، ثم خذه أنت بعد ذلك فامض به إلى عبيد الله بن زياد، فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك إياه. فأبى عليه فأصلح قومه فيما بينهما على هذا، فدفع إليه الرأس، فجال به في العسكر وقد علقه في عنق فرسه. وبعد المعركة أقبل به إلى ابن زياد في القصر، وبينما هو يسير، شاهده ابن حبيب بن مظاهر فقال له: إن هذا الرأس الذي معك رأس أبي، أفتعطينيه حتى أدفنه؟ فقال له: يا بني لا يرضى الأمير أن يدفن، وأنا أريد أن يثيبني الأمير على قتله ثوابا حسنا. فقال له الغلام: لكن الله لا يثيبك على ذلك إلا أسوأ الثواب، وبكى الغلام. وروي أن هذا الغلام لم يكن له همه إلا