خامسا - الرسائل والحصار:
بعد وفاة معاوية، حدث ما توقعه الحسن بن علي، فلقد علم كثير من أهل الحجاز واليمن والعراق أن بني أمية ليسوا بأصحاب دين، بقدر ما هم أصحاب بغي ومكر - وكان الحسن بن علي، بعد أن صالح معاوية، يريد أن ينطلق أهل البيت فيما بعد من هذه الأرضية. فالذين علموا أن حركة بني أمية تدور حول توريث الكرسي وجمع الأموال، سيعيدون التفكير ويردون الحق إلى أصحابه لينالوا علما ونجاة. وأصحاب الحق لن يطمعوا في ما بين أيدي الناس، لأنهم لا يأكلون الصدقة، ولا يريدون إلا نصيبهم الذي كتبه الله لهم من الخمس.
فوفقا لهذا التفكير ينال الناس العلم والمال، ويفتح الله عليهم بركات من السماء، ولكن معاوية قطع طريق هذا الخط بعد أن فرض ابنه على العقل.
وما يهمنا هنا هو إلقاء الضوء على حركة أهل العراق، كيف بدأت؟ وما هي القوة التي أدت إلى فشلها، ثم كيف كانت حركة أبي عبد الله الحسين مع البداية، وكيف كانت حركته مع القوة الغاشمة التي صدت عن سبيل الله؟
روي أن أبا عبد الله الحسين عليه السلام خرج إلى مكة، في الوقت الذي كانت الشيعة مجتمعة في العراق في منزل سليمان بن صرد صحابي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قال في الإصابة: كان سليمان خيرا فاضلا شهد صفين مع علي (1) - فقال سليمان: إن معاوية قد هلك، وإن حسينا قد تقبضه على القوم ببيعته، وقد خرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون.
أنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه، فاكتبوا إليه. وإن خفتم الوهن والفشل، فلا تغروا الرجل من نفسه قالوا: بل نقاتل عدوه، ونقتل أنفسنا دونه. قال: فاكتبوا إليه. بسم الله الرحمن الرحيم. لحسين بن علي من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية (2). ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته من