3 - على أعتاب الحرب:
واجه الإمام علي صعوبات كثيرة على طريق الحرب وكان تفادي هذه الصعوبات ليس بالأمر اليسير. فهي ستدور بين أهل القبلة وفي كل طرف من الأطراف يوجد رجال من أهل بدر. وعلى رأس هذه الأطراف أعلام لا يمكن تجاهلها. والحرب ستدور بعد أن غاب عن ذهن الغالب الأعم أحاديث كثيرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر فيها من أمور ويسمى فيها رؤوس الفتن بأسمائهم وأسماء آبائهم كما في حديث حذيفة وغيره. وعندما أمر الإمام برواية الحديث لم يعط الوقت الكافي لغربلة هذه الأحاديث وبيان مقاصد الصحيح منها. فعندما أصبحت الحرب على الأبواب ظهرت أحاديث الاعتزال والتماس سيوف من خشب والقاتل والمقتول في النار. وأحاديث في أعماقها سلب مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كي تصبح الأمة بلا مهمة وتمهد الطريق لأغيلمة قريش، وكان الإمام علي وسط هذه الأمواج المتلاطمة حجة بذاته ومن حوله نجوم ساطعة كعمار وزيد وحذيفة وغيرهم، وفي هؤلاء نصوص من النبي صلى الله عليه وسلم تدعو للالتفاف حول علي. وعلى الرغم من هذا فإن الإنسان هو الإنسان. فالإنسان الذي ارتدي ثياب النفاق بينما كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من السهل عليه أن يشق طريقه في عهود ما بعد النبي وإن كان في هذه العهود من هو خبير بمعرفة الرجال، ولأن الساحة بها الحق والباطل وبها باطل ابتلع الحق في بطنه ليتكلم على لسانه. كان الإمام علي يحشد الناس من حوله متفاديا لكل جدل عقيم يكون في صالح التيارات المعادية. كان يسأل فيجب إجابة الخبير، وكان يعرض عن كل إنسان لا يريد أن ينتظم في جيشه. وذلك لأنه يعرف نتيجة الحرب مقدما وفقا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبره. ومن كان هذا شأنه فهو في دائرة الحجة وليس في دائرة الحشد من أجل الأموال والغنائم. ونحن هنا سنلقي ضوءا على بعض ما كان يجري على أعتاب الحرب، لنري حجم الصعوبات التي كان الإمام يواجهها وهو يأخذ بالأسباب ليصل إلى نتيجة وهو يعرفها مقدما. وكان يسير في اتجاهها على الرغم من معرفته أنه مقتول في نهاية طريقها. لأنه كان