أشياء يريدونها وعليها تحذير وأخرى لا يريدونها وعليها تبشير. ووجدوا أن الغيب فيه مسيحان الأول يولد من عذراء والآخر دجال. ووجدوا أن ابن العذراء لن يعطيهم إلا بميزان بينما الآخر سيصب عليهم الدنيا صبا، واختلط عليهم الأمر، وهنا تدخل أحبار السوء في كل زمان وكل مكان، الأحبار الذين يسعون في الأرض فسادا، فقالوا أنهم أحباء الله والله لا يعطي أحباءه بميزان. وقد يكون الأولون قد أخطأوا في تحديد التحذير والتبشير. ثم استقروا على المسيح الثاني.
وحاولوا قتل المسيح الأول عندما بعثه الله إليهم، ولما كان المسيح الذي وقعوا عليه هو الدجال الذي وصفته الأحاديث بأنه يهودي أي أنه على هوى اليهود (1).
وعالم ابتغاء الفتنة عالم طويل عريض، ويبحث أصحابه دائما في أصولهم التي في صدورهم، ثم يعملوا من أجل إيجاد رداء لهم يسيرون به في الحياة، وكلما كان الرداء له قداسة كانت العقبات في طريقهم أقل. ولقد استغل تيار النفاق الجلباب الإسلامي. بل استغلوا فيما بعد القرآن، قال تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة) (2)، ثم استغلوه عندما رفعوه طلبا للتحكيم بينهم وبين أمير المؤمنين الذي يقاتلهم أصلا على التأويل. وكانوا يريدون من وراء ذلك أولا: الخروج من المعركة أحياء، وثانيا: إخراج الإمام من دائرة أنه الأعلم بالتأويل. كما حاولوا من قبل إخراجه من دائرة التطهير.
6 - مشاهد من ميدان القتال:
لقد كان هناك من خذل الإمام من البداية، عندما علموا أن الأمر سيكون لمعاوية في النهاية. وكان هناك أيضا الذين علموا بنهاية الإمام ولكنهم أخذوا بالأسباب نحو الحياة الكريمة. ومنهم من كان يعلم أن الفئة الباغية ستقتله في هذه المعركة لا محالة، ولكن لم يمنعه ذلك من أن يسير وراء أمير المؤمنين.
باختصار: كان هناك من يأخذ بالأسباب لينظر الله إلى عمله وهو يسير نحو