لقد كان القاضي يمسك بين أسنانه بقطعة من ذهب، وكأنها جمرة ملتهبة.
ويتحدث عن العدل، ولم يكن يعلم أن من العدل أن يقتص الله من الظالم. ومن العدل، أن دم القتيل لا تضيع سدى.. إن ساعة الانتقام، ومكانه، وكيفيته، هي في علم الله تعالى، الذي أخبر عن مقتل الحسين، وساعته، ومكانه، وكيفيته. لقد ركب أتباع بني أمية بسفينة التي ربانها معاوية ويزيد ومروان. ولن يرى للسفينة شراع، إذا ما قلب البحر الهائج سطحه، وقد عبثت به الرياح والمد كيما تستمر حركة الأمواج. وعندئذ سيعلم ركاب السفينة وأن من العبث أن ينشد المرء العدالة على ظهرها. وسيعلمون، أن معنى نزول جبريل عليه السلام بخبر مقتل الحسين، يعني في مقدمته الأولى، أن هذه الجريمة عليها من الله عقوبة.
وعلى الجميع أن يأخذوا بأسباب السلامة، حتى لا يدخلوا تحت العقوبة.
وأسباب السلامة، أصل أصيل في دائرة الاختيار. لكنهم صادروا السلامة وأسبابها، وصرخ فيهم صارخهم: لا مناص من موت الحسين، إذا أردنا نحن أن نعيش.
وبين الأمواج، سيعلمون أن السماء عادلة، وأن القتل لا يمكن إخفاؤه وسيخرج الزمان فعلتهم الغادرة إلى الضوء، لترى الأجيال أن الجراح ما زالت تتفجر منها الدماء. دماء تنادي بالحرية الحقيقية، تحت مظلة العبادة الحق.
وتعلم الأجيال أن خروج الحسين، وضع على الجبابرة، والعتاة، وقواتهم الضاربة، لباس الذل والعار. ويا له من عار تخجل منه أي قوة ضاربة على امتداد الزمان.
5 - الاستعباد:
بعد قتل الحسين، في إمكان كل رسام أن يرسم لك دمعة، أو جرحا، أو آهة. في إمكانه أن يرسم لك شجرة كهذه، أو يرسم لك شابا، اخترقت جسده سيوف المجرمين من كل جهة، وقد علقوه على هذه الشجرة، ومن حوله الغيوم تتلبد، والقمر معتما. يستطيع الرسام، أن يقوم بذلك، لتكرار الجرائم بعد الحسين. فلم يكن يمر يوما، إلا وترى فيه رجلا مصلوبا، أو رأس معلقة تتطوح