معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٧٨
الكوفة. إلا كراهة أن يدخلها الحسين وأنا بها. والله ما أريد أن أراه ولا يراني.
فأخبر الرسول الحسين بذلك. فأخذ الحسين نعليه ثم قام فجاءه، فسلم وجلس، ثم دعاه إلى الخروج معه. فأعاد إليه ابن الحر تلك المقالة. فقال له الحسين:
فإلا تنصرنا، فاتق الله فينا إن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع وأعيتنا أحد، ثم لا ينصرنا إلا هلك. فقال ابن الحر: أما هذا فلا يكون أبدا إن شاء الله (1)، فالحسين هنا دعا وذكر وأنذر. ولم يلوح بدينار ولا بدرهم. فمما سبق نرى أنه طلب الرجال الذين يعرفون الموقف على حقيقته. ولقد أوردنا قبل ذلك أنه قال في بيانه الذي ألقاه بعد أن علم بقتل رسله " فمن أحب منكم الانصراف، فليس عليه منا ذمام " لأنه كره أن يسير معه الأعراب وغيرهم، إلا وهم يعلمون حقيقة ما يقدمون عليه. أنه يريد الرجال الذين يسيرون بوقود فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم برهان، لأن هؤلاء ذروة الذين يؤمنون بالغيب. فأحاديث الإخبار بالغيب. بما أنها تفصل بين الحق والباطل، وبين الظلام والنور وبما أنها تبين ماذا يترتب على الانحراف. وأين تقع بصمات التزيين والإغواء، التي أخذ الشيطان على عاتقه أن يضعها ليقع عليها أكثر الناس ولا يؤمن منهم إلا القليل.
وبما أنها حجة على الأكثرية، لأن الله تعالى كشف لهم بهذه الأحاديث أمورا حتى لا تكون لهم حجة على الله يوم القيامة. (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) (2). وبما أن في أحاديث الإخبار بالغيب مبشرات بعد أن ذهبت النبوة وفيها محذرات، فكذلك هي في عهد الحسين، إن فيها إخبار بالدم، ومن لبي النداء فهو إلى القتل أقرب.
لهذا فمن يشهد الحسين ونصره، وهو على بينة من أمره، يكون في ذروة دائرة الذين يؤمنون بالغيب. وفي عصر الحسين يدخل في هذه الدائرة الذين كان هواهم فيه ولم يشهدوا خروجه، ويدخل فيها بني هاشم الذين شهدوا خروجه ولم يخرجوا - وذلك لأن الحسين أذن لهم في البقاء. ومنهم من كان يبعث إليه

(1) الطبري 231 / 6.
(2) سورة الأعراف: الآية 172 - 174.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459