علم أنه لا يجلس على أرضية الطمع وحده وإنما يشاركه فيها ابن العاص. اشتد القتال. وقتل في ذلك اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان. وقد كان حذيفة قد قال لابنيه: كونا مع علي، فستكون له حروب كثيرة، فيهلك فيها خلق من الناس. فاجتهدا أن تستشهدا معه، فإنه والله على الحق، ومن خالفه على الباطل (1). وقتل في هذا اليوم هاشم بن عتبة الذي كان عمار يناديه: يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف (2).
لقد قدمنا هنا بعض المشاهد على أرض صفين. يوم أن أخبر الإمام بأنه مقتول وأن معاوية سيملك ما تحت قدمه. ففي هذا اليوم أراد بعض الناس الدنيا فكاتبوا معاوية سرا. وأراد البعض الآخر الآخرة فقاتلوا وقتلوا رغم علمهم مقدما بما سيسفر عنه القتال في النهاية.
7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا!
بعد قتل عمار اشتعلت المعركة اشتعالا. وكان عمار لا يأخذ واديا من أو دية صفين إلا اتبعه من كان هناك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3). وروي عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: ما زال جدي - يعني خزيمة - كافا سلاحه يوم الجمل حتى قتل عمار بصفين، فسل سيفه فقاتل حتى قتل. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية. فعندما قتل عمار بد أن ضربات الصحابة فيما سمي في التاريخ:
" ليلة الهرير " والهريز: صوت القوس. وصوت الكلب دون نباح.
يقول المسعودي: اختلط الناس، وبطل النبل، واستعملت السيوف، وجنهم الليل، وتنادوا بالشعار (أي الكلمة السرية المتفق عليها) وتقصفت الرماح. وتكادم القوم (أي آثروا العص) وكان يعتنق الفارس الفارس ويقعان إلى