4 - الحرب:
فشلت جميع محاولات أمير المؤمنين لتجنب القتال وأبى الناكثون إلا المواجهة. وكان الأحنف بن قيس عندما سمع ومن معه فتوى أبي بكرة قد اعتزل القتال. وأعلن هذا أمام معسكر أمير المؤمنين. وعلى الرغم من هذا إلا أن وجد أن الأحنف كان مع علي. فأرسل إليه. إن شئت أتيتك وإن شئت كففت عنك عشرة آلاف سيف. وكان علي قد علم أن الأحنف قد أعلن الاعتزال أمام المعسكر الآخر. وفي هذا الوقت العصيب لم يقل له الإمام: تعال إلي وأعني.
وإنما قال له: كيف بما أعطيت أصحابك من الاعتزال، فقال الأحنف: إن من الوفاء الله عز وجل قتالهم.
لقد كان للفتوى أثر سئ. لأنه قد ترتب عليها عهود، والإمام يحترم عهود الناس حتى في أحلك الأوقات. ولذا قال له: كف من قدرت على كفه " (1)، وفي ميدان القتال وقف الإمام علي في مواجهة الناكثين على أول طريق البغي الطويل. كان الإمام يركب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم (2).
وروى البلاذري أنها بقيت إلى زمن معاوية (3). وكان محمد بن الحنفية يرفع راية رسول الله السوداء وتعرف بالعقاب. وروي أن أم المؤمنين عائشة كانت على جمل يدعى عسكر اشتراه لها يعلى بن أمية. وكان الجمل لواء القوم (4) وألبسوا هودج أم المؤمنين الأدرع (5) ووضعوا عليه جلود البقر (6)، وفي لحظات السكون قبل بدء المعركة خرج طلحة والزبير. فخرج إليها الإمام علي،