عمر بن سعد: يا خيل الله اركبي وابشري! فركب في الناس، ثم زحف نحو الحسين بعد صلاة العصر وحسين جالس أمام بيته محتبيا بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه، وسمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت. فرفع الحسين رأسه وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: إنك تروح إلينا (1).
وبينما كانت الخيل تتقدم، اتجه العباس بن علي إليهم، وعندما انتهى إليهم قال: يا هؤلاء إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية، حتى ينظر في هذا الأمر.... فإذا أصبحنا التقينا. وإنما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتى يأمر بأمره، ويوصي أهله. فجاء رسول من قبل عمر بن سعد إلى معسكر الحسين وقال: إنا قد أجلناكم إلى غد، فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد وإن أبيتم فلسنا تاركيكم (2). وأثناء الليل جمع الحسين أصحابه وقال: إني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي. ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا. ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا. إلا وإني قد رأيت لكم، فانطلقوا جميعا في حل، ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبوني، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غير (3).
فقال له أخوته وأبناؤه، وبنو أخيه، وابنا عبد الله بن جعفر: لم نفعل لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك أبدا. وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك، ولما نعذر إلى الله في أداء حقك، أما والله حتى أكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة في يدي، ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك. وتكلم جماعة