معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٨١
باختصار: كان التيار الأموي قد سبح شوطا طويلا في مستنقعات الأوحال. حيث البغي والنكث والفساد في الأرض... لقد رفضوا إظهار بينة، وهذا من أمور الدين. وطالبوه بمبايعة يزيد بن معاوية، وهذا ليس من أمور الفطرة. وأوصاف يزيد التي اتفق عليها العلماء تثبت ذلك. والذين قالوا إن الحسين طلب أن يضع يده في يد يزيد أو طلب منهم أن يسيروه إلى أي ثغر من ثغور المسلمين لم يصيبوا الحقيقة، لأن هذه الأقوال لا تستقيم مع المقدمات، وإذا كانت هناك أحاديث قد روت هذا، فإن هناك ما يعارضها فعن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل. وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة. ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلا وقد سمعتها. ألا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس. وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية، ولا أن يسير إلى ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال: دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير من أمر الناس (1). فهذا القول يستقيم مع المقدمة وفيه حجة على القوم الذي يريدون قتله.
وبعد وصول كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد، صدر إليه الأمر التالي: من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد. أما بعد، فخل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوقوا منه قطرة، كما صنع بالتقي الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان ". فبعث عمر بن سعد خمسمائة فارس، على رأسهم عمرو بن الحجاج، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسين وأصحابه وبين الماء أن يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث. وبينما جنود بني أمية عند الماء، نادى عبد الله بن أبي حصين على الحسين وقال: يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء، والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا. فقال الحسين: اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا.
روي أن حميد بن مسلم قال: إنه شاهد ابن أبي حصين بعد ذلك في

(1) الطبري 335 / 6، البداية 175 / 8.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459