الشرطة: يا حصين بن تميم ثكلتك أمك، إن صاح باب سكة من سكك الكوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلطتك على دور أهل الكوفة، فابعث مراصدة على أفواه السكك، وأصبح غدا واستبر الدور وجس خلالها. حتى تأتيني بهذا الرجل (1)، وروي أن بلال بن أسيد الذي آوت أمه ابن عقيل أخبر الشرطة بمكان ابن عقيل وعندما علم ابن زياد بذلك أمر بإحضاره.. فلما سمع ابن عقيل وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال عرف أنه قد أتى، فخرج إليهم بسيفه، واقتحموا عليه الدار. فشد عليهم يضربهم بسيفه. حتى أخرجهم من الدار. وأشرفوا عليه من فوق ظهر البيت، وأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطنان القصب. فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكة فقاتلهم فأقبل عليه محمد بن الأشعث فقال: يا فتى لك الأمان، لا تقتل نفسك فأقبل يقاتلهم وهو يقول:
أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا وظل يقاتلهم وفد أثخن بالحجارة، وعجز عن القتال. وأسند ظهره إلى جدار الدار، فقال ابن الأشعث: لك الأمان واجتمعوا حوله فقال ابن عقيل: أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم. وعندما انتزعوا سيفه، دمعت عيناه ثم قال: هذا أول الغدر... أين أمانكم أنا لله وإنا إليه راجعون... وبكى، فقيل له: إن من يطلب مثل الذي تطلب، إذ نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك.
فقال: والله ما لنفسي أبكي، ولا لها من القتل أرثي... ولكن أبكي لأهلي المقبلين إلي. أبكي الحسين وآل حسين. ثم أقبل علي بن الأشعث فقال: يا عبد الله إني أراك والله ستعجز عن أماني فهل عندك خير تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني يبلغ حسينا؟ فإني لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم مقبلا، أو هو خارج غدا هو وأهل بيته. فيقول: أن ابن عقيل بعثني إليك، وهو في أيدي القوم أسير، لا يرى أن تمشي حتى تقتل، وهو يقول لك ارجع بأهل بيتك، ولا يغرك أهل الكوفة، فإنهم أصحاب أبيك، الذي كان يتمنى فراقهم