معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٧٣
فيكم بالجور والعدوان. وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقنا. وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم " (1)، فالحسين يوضح هنا أن الدعوة إليه كانت صادرة من صدور ماضيه، وعلى هذا الرضى جاءت الرسائل التي لم يجد أمامها إلا أن يتحرك، وإنه لو لم تأت هذه الرسائل ما كان له أن يتحرك. وكيف يتحرك نحو قوم كرهوه وجهلوا حقه. فالرسائل هي دليل الرضا، والحر وقواته دليلا على كبت هذا الرضا. ولذا قال له الحر: إنا والله ما ندري ما هذه الكب؟ التي تذكر. فقال الحسين: يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إلي، فأخرج خرجين مملوءين صحفا. فنشرها بين أيديهم. فقال الحر: فإنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله بن زياد. فقال له الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك. قال الحر: لم أؤمر بقتالك وإنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة، تكون بيني وبينك نصفا، حتى أكتب إلى ابن زياد. وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية إن أردت أن تكتب إليه أو إلى عبيد الله بن زياد إن شئت فلعل الله إلى ذلك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشئ من أمرك (2). وسار الحسين في طريق والحر في طريق آخر يسايره ويراقبه.
وروي أن الحسين خطب أصحابه وأصحاب الحر بالبيضة. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول. كان حقا على الله أن يدخله مدخله. إلا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله. وأنا أحق من غير، وقد آتتني

(1) الطبري 228 / 6، البداية 172 / 8.
(2) الطبري 229 / 6، البداية 173 / 8.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459