وشمالا. حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة. وذكر الطبري:
وإنما فعل ذلك، لأنه ظن إنما اتبعه الأعراب، لأنهم ظنوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما يقدمون.
وقد علم أنهم إذا بين لهم. لم يصحبه إلا من يريد مواساته والموت معه (1).
إلى هنا انتهت قصة الذين خذلوه في أصولها العريضة. فأي خطوة سيخطوها الحسين بعد ذلك فلن تكون بحال من أجل الذهاب إلى الذين خذلوه، وإنما ستكون نحو القوة الباغية التي تعوق تقدم الأمر الفطري بأحجار الكسروية وقيصرية وجاهلية. وانطلق الحسين حتى مر بطن العقبة فنزل بها، وبينما هو جالس جاءه أحد عمومته فسأله: أين تريد؟ فحدثه فقال للحسين: إني أنشدك الله لما انصرفت، فوالله لا تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف، فإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال، ووطئوا لك الأشياء فقدمت عليهم، كان ذلك رأيا. فأما على هذه الحال التي تذكرها، فإني لا أرى لك أن تفعل. فقال الحسين: يا عبد الله إنه ليس بخفي علي الرأي ما رأيت، ولكن الله لا يغلب على أمره (2) ".
أي والله يا أبا عبد الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون. إن الناس لا يرون إلا أول الطريق أو وسطه أما نهاية الطريق فلا ترى إلا بعد أن تجئ. والله غالب على أمره. وروي أن ابن زياد بعث إلى الحصين بن نمير أن يبعث من القادسية الحر بن يزيد وبين يديه ألف من الجنود ليستقبل الحسين، وانطلق الحر بقواته لاستقبال الحسين ومراقبته.
وروي أن الحسين خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر، وكان الحر وقواته يصلون مع الحسين وأتباعه، وبعد الصلاة: قام الحسين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس فإنكم أن تتقوا وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله. ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين .