ويبدو، والله أعلم، أن أجهزة التيار الأموي كانت تعد العدة من أجل القيام بعمل تخريبي للإضرار بالحسين في موسم الحج. ولا قدر الله لو حدث هذا، لوضعت الدماء على وجه فريضة إسلامية يحتشد فيها الناس، ولترتب على ذلك أمور الأمة في غنى عنها. ويبدو أن ابن عباس فطن لهذا الأمر عندما وجد الحسين طاف بالبيت، وبين الصفا والمروة، وقص شعره، وحل من عمرته بينما الناس يتوجهون إلى منى (1) ففي هذا الوقت يقول ابن عباس: كلمني حسين في الخروج فقلت: لولا أن يزري ذلك بي أو بك لشبكت بيدي في رأسك. فقال الحسين: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن يستحل بي حرم الله ورسوله. قال ابن عباس: فذلك الذي سلى بنفسي عنه (2).
وخرج الحسين ومعه أهل بيته، وروي أنه لما خرج من مكة، اعترضه رسل عمرو بن سعيد ابن العاص عامل يزيد بن معاوية على مكة، فقالوا له:
انصرف، أين تذهب؟ كانوا يريدون أن يعود إلى مكة، فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان، فاضطربوا بالسياط، ثم إن الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا. ومضى الحسين عليه السلام على وجهه. فنادوه: يا حسين ألا تتقي الله، تخرج من الجماعة وتفرق هذه الأمة. فتلى قوله تعالى: (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل. وأنا برئ مما تعملون) (3).
وكان الحسين قد تلى قوله تعالى: " فخرج منها خائفا يترقب. قال: رب نجني من القوم الظالمين)، وذلك عندما سار نحو مكة بعد أن رفض بيعة يزيد، فلما دخل مكة تلى قوله تعالى: " فلما توجه تلقاء مدين، قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) (4)، وعندما خرج من مكة تلى قوله تعالى: (لي عملي ولكم عملكم...) الآية.