هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله، وأنا رسوله إليكم.
وقد فارقته بالحاجر فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه واستغفر لعلي بن أبي طالب. وعندئذ أمر ابن زياد أن يرمي به من فوق القصر فرمي به فتقطع فمات (1).
لقد كان بيان قيس بن مسهر فيه كفاية ليهب الناس هبة رجل واحد، ولكن القوى الطاغية كانت قد نشرت الذل في الطرقات بما فيه كفاية، ولكي يطوقهم الحسين بطوق الحجة مرة أخرى، بعث إليهم عبد الله بن يقطر. وما حدث لقيس حدث لابن يقطر. فلقد تلقته خيل الحصين بن نمير بالقادسية، وبعث به إلى ابن زياد، فأمره أن يصعد القصر، وأن يلعن الكذاب ابن الكذاب. فصعد فلما أشرف الناس قال: أيها الناس إني رسول الحسين بن فاطمة بن بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة بن سمية الدعي.
فأمر ابن زياد بأن يلقى من فوق القصر، فرمي به فكسرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير. (2) فذبحه فما عيب ذلك عليه قال:
إنما أردت أن أريحه (3).
فالطريق إلى الفطرة ودعوتها كان ابن زياد قد أغلقه تماما. في أثناء ذلك كان الحسين لا يمر بأهل ماء إلا اتبعوه (4). وبينما هو في " ماء زبالة " سقط إليه خبر قتل رسله بالكوفة فأخرج الحسين للناس كتابا فقرأ عليهم وفيه: " بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة. وعبد الله بن يقطر. وقد خذلتنا شيعتنا. فمن أحب منكم الانصراف، فليس عليه منا ذمام " (5). فتفرق الناس عنه تفرقا، فأخذوا يمينا