الحسن. فأرسل إلى بني هاشم، أما إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه، ادفنوني إلى جنب أمي. ودفن إلى جنب فاطمة عليها السلام (1).
لقد كان الجهاز السري يعمل بكل قواه من أجل إفساح الطريق لعهود تتربع فيه الأغيلمة السفهاء الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم. حتى سعد بن أبي وقاص لم ينج من ضربات هذا الجهاز، فروي أن معاوية حين أراد أن يعهد إلى يزيد دس لسعد السم فمات (2). وبعد أن فرغت الساحة من الذين يخشى معاوية أن يقتلهم على مسمع ومرأى من قريش، ولم يتبق إلا نفر يمكن أن يقوم العسكر بتصفيتهم، بدأ معاوية يبايع لابنه يزيد. وروي أن سعيد بن عثمان بن عفان عندما سمع بمبايعة معاوية لابنه قال لمعاوية: لقد اصطنعك أبي ورفاك حتى بلغت باصطناعه المدى الذي لا يجاري إليه ولا يسامي، فما شكرت بلاءه، ولا جازيته بآلائه، وقدمت علي هذا - يعني يزيد - وبايعت له، ووالله لأنا خير منه أبا وأما. فقال معاوية: أما بلاء أبيك فقد يحق علي الجزاء به، وقد كان من شكري لذلك أني طلبت بدمه، حتى تكشفت الأمور، ولست بلائم نفسي في التشمير. وأما فضل أبيك على أبيه، فأبوك والله خير مني، وأقرب برسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما فضل أمك على أمه، فما ينكر امرأة من قريش خير من امرأة من كلب. وأما فضلك عليه فوالله ما أحب أن الغوطة دحست ليزيد رجالا مثلك. فقال له يزيد وكان حاضر المجلس: يا أمير المؤمنين ابن عمك!
وأنت أحق من نظر في أمره، وقد عتب عليك لي فأعتبه، فعندئذ ولاه معاوية حرب خرسان (3). وروي أن عمرو بن حزم وفد على معاوية وقال له: أذكرك الله في أمة محمد بمن تستخلف عليها. فقال: نصحت وقلت برأيك، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم، وابني أحق (4).