اعتزالهم. ونتيجة لذلك، ركبوا الطريق الذي يؤدي إلى عذراء فقتل حجر.
وغضب الله وأهل السماء. وفي الفتن يقول الإمام علي: " لا يقولن أحدكم:
اللهم إني أعوذ بك من الفتن، لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة. ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله سبحانه يقول: " واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة "، ومعنى ذلك أنه سبحانه يختبر عباده بالأموال والأولاد، ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه. وإن كان الله سبحانه أعلم بهم من أنفسهم. ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب، لأن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث. وبعضهم يحب تثمير المال. ويكره انثلام الحال " (1).
فمن هذا نعلم أن الأحداث عندما تجري لا بد للأفعال أن تظهر. فإذا أغلقت الأبواب في موضع، فليس معنى هذا أنها تغلق في كل موضع بالنسبة للجيل الأول. وإلا لو كان الاغلاق قاعدة، ما كنا قد علمنا حركة الأحداث.
ولكننا علمنا عندما شاهدنا حركة أبو ذر وعمار وحجر وغيرهم. ومن الدليل أيضا على عدم جدية إغلاق الأبواب في وجه الإمام علي والإمام الحسن، أن من الصحابة من واجه حركة الاستكبار الأموي وهي في عنفوانها، آخذا بالأسباب في اتجاه رحمة الله الواسعة. ولتكون بصماته شاهدة على الأحداث. روي أن قيس بن خرشه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أبايعك على ما جاءك من الله، وعلى أن أقول بالحق. فقال له النبي: عسى أن يكون عليك من لا تقدر على أن تقوم معه بالحق - (وفي رواية: يا قيس عسى إن مد بك الدهر أن يليك بعدي ولاة لا تستطيع أن تقول بحق معهم) (2)، فقال قيس: والله لا أبايعك على شئ إلا وفيت لك به. فقال له النبي: إذا لا يضرك شئ. فكان قيس يعيب زياد بن أبيه، وابنه عبيد الله، وكان يقول قال لي النبي:
لا يضرك شئ. فأرسل إليه عبيد الله بن زياد وقال له: أأنت الذي تزعم أنه لن