معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٣٩
طريق الأخذ بالأسباب، يقول تعالى: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) (1)، فهذه الآية تدل على دوام أمر الابتلاء والامتحان وجريانه على امتداد التاريخ الإنساني. والابتلاء والامتحان لا بد أن يكون له حركة، لينظر الله ماذا يفعل عباده وهو أعلم بحركاتهم وسكناتهم من أنفسهم. وأيضا في قوله تعالى: (وإن جندنا لهم الغالبون) (2)، فالمؤمنين الذين يعملون بأمر الله ويجاهدون في سبيله، ما داموا على هذا الطريق وهذه الصفة، فهم متصورون غالبون. ولكن لا بد لهم من الأخذ بالأسباب التي تحكمها الدعوة، وفي عالم الأسباب يكون الابتلاء والامتحان. يقول تعالى وهو يخاطب المؤمنين: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) (3)، إنه ضوء على الحركة لتستقيم المقدمات مع النتائج.
والإمام الحسين ادخره الله سبحانه لوقت سارت فيه الأمة في أعماق الفتن والابتلاء، وكان عليه السلام يعلم بأنه مقتول في نهاية الطريق، والذين من حوله يعرفون هذا جيدا. ولكنه لم يجئ ليقتل، وإنما جاء ليخرج أهل عصره من كهف مظلم، وأهل عصره أحرار في الاختيار، فمن أجابه ونصره يكون قد عبر قنطرة الدنيا بأمان - وركب معهم الذين جاؤوا من بعدهم، وفي الحديث: " المرء مع من أحب " (4)، ومن قاتله وسفك دمه فله عند الله عقوبة، وركب معه من أحبه، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، إيمان لا نفاق فيه، ونفاق لا إيمان فيه.
حتى يأتي الله بأمره. فيركب المهدي فسطاط الأيمان. ويركب الدجال فسطاط النفاق. " وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة

(1) سورة البقرة: الآية 214.
(2) سورة الصافات: الآية 173.
(3) سورة آل عمران: الآية 139.
(4) البخاري (الصحيح 77 / 4).
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459