والعافين عن الناس، فقال معاوية: فما قولك في عثمان؟ قال: هو أول من فتح باب الظلم، وأرج أبواب الحق، فقال معاوية: قتلت نفسك، قال: بل إياك قتلت (1).
لم يأمر معاوية بقتل العنزي في مرج عذراء، بل اختاره من بين أصحاب حجر ليرى أهل العراق قتله. روى أن معاوية بعث به إلى زياد وكتب إليه: إن هذا العنزي شر من بعثت، فعاقبه عقوبته التي هو أهلها، واقتله شر قتلة (2).
وروي أن العنزي قبل أن يغادر عذراء قال لحجر: نعم أخو الإسلام كنت. ثم حمل إلى العراق فلما قدم به على زياد، أمر بدفنه حيا (3).
وروي أن حجرا لما مشى إليه فياض الأعور بالسيف، ارتعدت فرائصه، فقيل له: يا حجر أليس زعمت أنك لا تجزع من الموت؟ فقال: وما لي لا أجزع، وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا (4). وروي أنه قال:
اللهم إنا نستعديك على أمتنا، فإن أهل الكوفة شهدوا علينا، وإن أهل الشام يقتلوننا، أما والله لئن قتلتموني بها، إني لأول فارس من المسلمين هلل في واديها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها. فمشى إليه الأعور، هدية بن فياض بالسيف، فأرعدت خصائله، فقال لحجر: أنا أدعك فابرأ من صاحبك.
فقال حجر: لا أقول ما يسخط الرب. فقتله، وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة (5). روى الطبري: قال الحسن: حجوهم ورب الكعبة (6)، وفي قتل حجر قالت هند ابنة زيدان الأنصارية:
ألا يا حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور