معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٢٩
أنار الطريق بالمبشرات والعلامات ليرفع عنهم ما جلبوه لأنفسهم، وهذا من رحمته الواسعة. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ذهبت النبوات وبقيت المبشرات " (1). فإغلاق الطريق أمام المبشرات وعلاماتها يعني أن الذي أغلق الطريق يسير في عالم الفتن، وعالم الفتن لا يدري القاتل فيه في أي شئ قتل، ولا يدري المقتول في أي شئ قتل. وفي عالم الفتن الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. وعلى كل داخل في الباطل إثمان: إثم العمل به وإثم الرضا به.
وليس معنى أن الفتن في الخارج أن يغلق رجال الجيل الأول على أنفسهم الأبواب، لأن الفتن على أيامهم كان عليها علامات وعلامات، وكان إمام الهدى لا يجهله أحد. إن إغلاق الباب عند المقدمة سيكون إغلاقا للحقيقة عند النتيجة. والله تعالى يجري الأحداث لينظر كيف يعمل عباده. كما أن لكل فتنة فقه. فهناك فتنة يدور فقهها على رحى " لو أن الناس اعتزلوهم " فالاعتزال هنا المقصود منه تجريد جهات الاستعلاء على عباد الله من المال، والجنود والفقهاء، فالاعتزال سيجعلهم بلا سيف وبلا سجن. وهناك فتن يجب أن يبحث المسلم فيها عن سيف من خشب، وذلك عندما يجد أن الذين من حوله يقتتلون على المال، أو على شبر من الأرض. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيت رجلين من أمتي يقتتلان على المال، فاعدد عند ذلك سيفا من خشب " (2).
وقال: " إذا رأيت الأخوين المسلمين يختصمان في شبر من الأرض فاخرج من تلك الأرض " (3).
وفي الجيل الأول لم يكن الإمام علي، ومن بعده الإمام الحسن، يقاتلان من أجل المال. ولم يخرج أبو ذر، أو عمار، وأويس، أو حجر من أجل المال. فاعتزال هذا الخط يكون اعتزال في غير محله. ولقد رأينا في حركة التاريخ أن الغالب الأعم لم يعتزل الذين أمروا باعتزالهم واعتزلوا الذين نهوا عن

(1) رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه (الإصابة 272 / 8).
(2) رواه الطبراني (كنز العمال 148 / 11).
(3) رواه الطبراني (كنز العمال 149 / 11).
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459