وسلم يحبهم، فلقد حصنهم وحذر من اقتحامهم بسوء، لأن حربهم حربه (1)، ومن آذى أهله فقد آذى الله (2). ومن أبغض الحسن والحسين فقد أبغض رسول الله (3). ومعنى تحصين النبي لهم أن النبي رفعهم إلى مكانه لا يضرهم فيها من خذلهم. وهذه المكانة هي نفسها مكانة الدعوة والدعوة هي الحق. والحق حق ولو قل اتباعه، والباطل باطل ولو كثر اتباعه. وبهذا التحصين يكون الاعتداء عليهم هو اعتداء على الدعوة، ومن اعتدى على الدعوة فقد اعتدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا ما صرحت به الأحاديث ونرى أنه لا داعي لتكرارها هنا.
إن السيدة فاطمة كانت لها مهمة في حدث محدد، قد نراه صغيرا، ولكنه تحت المجهر يكون كبيرا، والإمام علي كانت له مهمة محددة، وكذلك الإمام الحسن، والإمام الحسين جاء دوره في الوقت المناسب. فهو حجة على عصر يتم فيه ترجيح الأبناء، فابن عثمان، وابن خالد، وابن سعد، وابن معاوية، وابن الزبير، وابن أبي بكر كل منهم يريد الملك. فشاء الله أن تبدأ حركة الحسين في هذا الوقت، علما بأن في ذاكرة الجيل الأول الأحاديث التي تضع أبناء أمية وأبناء الحكم في دائرة التحذير منهم. فهم الذين رآهم النبي على منبره ينزون نزو القردة، وهم الذين سيتخذون مال الله دولا، ودين الله دخلا، وعباد الله خولا.
وفي نفس الوقت تحتوي الذاكرة على أبناء دائرة الطهر، أبناء الكساء والمباهلة.
ولقد علم الجميع أنهم أهل البيت ولا أحد غيرهم. فالنبي كان يمر ببيت فاطمة لمدة سبعة أشهر ويقول في وقت الصلاة والناس في المسجد: " الصلاة يا أهل