البيت... " (1). وعلى هذا فدائرة الاختيار لا إجبار فيها، والله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون. فإن ركبوا طريق الدعوة أنزل عليهم بركات، وإن لم يركبوا، فإن الدعوة سائرة في عالميتها، ولن توقف حركتها قبيلة من القبائل، حتى ولو قامت بتجنيد عصر بالكامل للنيل من هذه الدعوة، ولمن صد عقوبة عند الله والله يطارده ولا بقاء لشئ يطارده الله. إن الحسين بن علي جاء في الوقت المناسب كي يسوق الناس إلى الطريق المستقيم، فهو في هذا الوقت عنوان لدائرة المبشرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ذهبت النبوات وبقيت المبشرات " (2). فالحسين يقف عند مرحلة من مراحل الإخبار بالغيب، يقف كعلامة بارزة، فإذا بعث إليه الناس أو جاؤوه، فليس عليه إلا أن يلبي.
وكذلك كان الإمام علي. لقد عهد إليه النبي أن لا ينازع، فإذا بايعه الناس فعليه أن يلبي. فإن تركوه فعليه أن يأخذ بالأسباب ويدعوهم وفقا لحركة الدعوة، ووفقا لحركة الناس بحيث أن لا يكون هناك إكراه بأي صورة من الصور.
فالإسلام لا يكره أحدا، والإسلام لا يقيم وزنا إلا للذين يفكرون بمفهوم الحلال والحرام، ويؤمنون بأن غدا حساب وما الدنيا إلا قنطرة للآخرة. فالإمام علي شق الطريق معهم، وقاتل على التأويل آخذا بكل سبب من الأسباب. وعند ما وقفوا بالغ في نصحهم، وهو يعلم أنه على طريق هو مقتول فيه لا محالة.
وسنة الأخذ الأسباب سنة إلهية، فالله سبحانه يقول: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * أنهم لهم المنصورون " (3) أي: أنا قضينا قضاء محتوما فيهم أنهم لهم المنصورون. فالرسل عليهم السلام منصورون في الحجة لأنهم على الحق، والحق غير مغلوب، وهم منصورون على أعدائهم، إما بإظهارهم عليهم، وإما بالانتقام منهم. وهم منصورون في الآخرة، وقال تعالى:
" كتب الله لأغلبن أنا ورسلي " (4) فالنصر هنا واقع لا محالة ولكن طريقه هو