عظمه. فأتى معاوية وقال له: يا أمير المؤمنين إن الأنفس ليغدى عليها ويراح، ولست في زمن أبي بكر ولا عمر، فلو نصبت لنا علما بعدك نصير إليه، فإني قد كنت دعوت أهل العراق إلى بيعة يزيد. فقال له معاوية: يا أبا محمد انصرف إلى عملك ورم هذا الأمر لابن أخيك (1).
وهكذا من أجل أن يضمن المغيرة إفناء عمره في ولاية الكوفة، فتح على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بابا يأت بخير، حتى أن المغيرة نفسه قال لاتباعه عقب خروجه من عند معاوية: والله لقد وضعت رجله في ركاب طويل ألقي عليه أمة محمد (2).
وروي أن معاوية بعد لقائه مع المغيرة خطب أهل الشام فقال: يا أهل الشام. كبرت سني، وقرب أجلي، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم (3). لقد أراد معاوية من هذا البيان أن يدخل إليهم بلافتة الشورى، ويترك الأمر إليهم في اختيارهم، ثم يتصرف مع هذا الاختيار حسب ما يحب. وروي أن أهل الشام أجمعوا واتفقوا على عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فشق ذلك على معاوية وأسرها في نفسه (4)، وروى أن عبد الرحمن بن خالد كان مريضا، فدخل عليه ابن أثال النصراني فسقاه سما (5)، وروى الطبري وغيره: أمر معاوية ابن أثال أن يحتال في قتله، وضمن له أن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش، وأن يوليه جباية خراج حمص، فلما قدم عبد الرحمن بن خالد حمص، دس إليه ابن أثال شربة مسمومة، فشربها فمات، وولاه معاوية خراج حمص، ووضع عنه خراجه (6). وكان ذلك عام 46 ه أي بعد صلحه مع الحسن بخمس سنين تقريبا.