معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٤٥
النار (1)؟ تماما كما أخبر القرآن بأن أبا لهب لن يؤمن، في الوقت الذي يدعو فيه القرآن الجميع إلى الإيمان، إن هناك أنماطا بشرية علم الله أن الرسول لو جاءهم بكل آية فسيكون لهم تفسيرهم الخاص. بل إن هناك أنماطا سيطلبون العودة إلى الدنيا يوم القيامة ليعملوا صالحا، والله يعلم أنهم لو عادوا فلن يفعلوا إلا ما كانوا يفعلون على الرغم من أنهم شاهدوا النار بأعينهم. يقول تعالى: " ولو ترى إذ وقفوا على النار، فقالوا: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) (2).
فهؤلاء منهم من عاصر الأنبياء ومنهم من أخذ بذيول الآباء، وعلى رؤوسهم جميعا حجة من الله، لأن الله تعالى لا يكذب أحدا، إلا بعد أن يقيم عليه الحجة، فإن أعرض عنها ولم يحدث نفسه بتوبة، كانت له عند ربه الأعلى عقوبة.
وبعد أن بينا أن الناس كانوا يعرفون حقيقة الأحداث قبل وقوعها، كي يأخذوا بالأسباب التي تجعلهم يحققون سعادة الدنيا والآخرة، ولا يدفعون الأحداث دفعا حتى يسفك الدم الحرام. نقدم الآن بعض الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن منزلة الحسن والحسين، ولقد قدمنا بعضا على امتداد هذا البحث. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ". وهذا الحديث محفوظ ورواه ستة عشر صحابيا (3). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " هما ريحانتاي من الدنيا " (4)، وقوله: " من أحبهما فقد

(١) رواه ابن عساكر (كنز العمال ٦٧٤ / ١٣).
(٢) سورة الأنعام: الآية ٢٧ - ٢٨.
(٣) قال في نظم المتناثر في الحديث المتواتر نقل عن السيوطي أنه متواتر رواه ستة عشر صحابيا (نظم المتناثر ١٩٦ / ١).
(٤) رواه البخاري (الصحيح ٣٠٦ / ٢) وأحمد والترمذي وابن عدي وابن عساكر والنسائي والبزار (كنز العمال ١١٣، ١١٤ / ١٢)، (الزوائد ١٨١ / ٩)، (البداية والنهاية 205 / 8).
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست