ومن الطريف أن يقول ابن كثير في هذه الكارثة: لما مات الحسن، قوي أمر يزيد عن معاوية، ورأى أنه لذلك أهلا، وذلك من شدة محبة الوالد لولده.
ولما كان يتوسم فيه من النجابة الدنيوية، وسيما أولاد الملوك ومعرفته بالحروب، وترتيب الملك، والقيام بأبهته (1).. وروى ابن كثير أن معاوية قال:
إني خفت أن أذر الرعية من بعدي كالغنم المطيرة ليس لها راع. ونحن نعجب:
أخاف معاوية على الرعية من بعده فنصب لهم يزيد، ولم يخف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته فلم ينصب لهم أحدا؟! أكان معاوية حريصا على الإسلام فأتى بأولاد الملوك للقيام بأبهة الحكم، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حريصا عليه ولذلك لم يأت بأصحاب الطهر والعفاف؟! لا والله. لقد كان النبي يخاف على أمته، وكان حريصا على استمرار الدعوة.
وروي أن معاوية وهو يعد المسرح لابنه أمر بإحضار رؤوس القبائل، وعندما حضروا قام رجل من الأزد فأشار إلى معاوية وقال: أنت أمير المؤمنين، فإذا مت فأمير المؤمنين يزيد، فمن أبى هذا فهذا. وأخذ بقائم سيفه فسله. فقال له معاوية: اقعد فأنت من أخطب الناس (2). وفي سنة ست وخمسين هجرية دعا معاوية الناس إلى بيعة ابنه يزيد من بعده وجعله ولي العهد (3). وروى ابن كثير أن معاوية قال ليزيد: كيف تراك فاعلا إن وليت. قال: كنت والله يا أبه عاملا فيهم عمل عمر بن الخطاب. فقال معاوية: سبحان الله يا بني، والله لقد جهدت على سيرة عثمان، فما أطقتها فكيف بك وسيرة عمر (4). وقال ابن كثير وهو يصف يزيد: كان فيه خصال محمودة في الكرم والحلم والفصاحة والشعر والشجاعة وحسن الرأي في الملك، وكان فيه أيضا إقبال على الشهوات، وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، وإماتتها في غالب