معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ١٠٥
تعجلني. وعندما سمع القوم هذا ارتفع الهرج وعلت الأصوات، وقالوا للإمام:
ابعث إليه فليأتك وإلا والله اعتزلناك. فبعث الإمام: أقبل إلي فإن الفتنة قد وقعت. وجاء الأشتر فقال لهم: يا أهل العراق، يا أهل الذل والوهن، حين علوتم القوم ظهرا، وظنوا أنكم لهم قاهرون. رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما أمر الله عز وجل به فيها وسنة من أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم، فلا تجيبوهم امهلوني عدو الفرس، فإني قد طمعت في النصر.
قالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك، ثم قالوا: لقد قاتلناهم في الله عز وجل، وندع قتالهم لله سبحانه. إنا لسنا مطيعيك ولا صاحبك فاجتنبنا. فقال: خدعتم والله فانخدعتم. ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن صلواتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله عز وجل، فلا أري قراركم إلا إلى الدنيا من الموت إلا قبحا، يا أشباه النيب الجلالة. وما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا كما بعد القوم الظالمين، فسبوه وسبهم. وقال الناس: قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكما (1).
وروي أن الإمام كان ساكتا لا يتكلم، ثم قام فسكت الناس كلهم. فقال:
لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوة، وأسقطت منه، وأوهنت وأورثت وهنا وذلة، ولما كنتم الأعليين وخاف عدوكم الاجتياح واستحربهم القتل ووجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف، ودعوكم إلى ما فيها ليفثؤكم عنها ويقطعوا الحرب فيما بينكم وبينهم. ويتربصون ريب المنون خديعة ومكيدة. فأعطيتموهم ما سألوا. وأبيتم إلا أن تدهنوا وتجوزوا. وأيم الله ما أظنكم بعدها توافقون رشدا، ولا تصيبون باب خدم (2). وقال: أيها الناس. إن أمري لم يزل معكم على ما أحب. إلى أن أخذت منكم الحرب. وقد والله أخذت منكم وتركت. وأخذت من عدوكم فلم تترك. وإنها فيهم أنكى وأنهك. ألا إني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأمورا، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا. وقد أحببتم البقاء. وليس

(1) الطبري 28 / 6، الكامل 161 / 3، ابن أبي الحديد 427 / 1، البداية 300 / 7.
(2) الطبري 31 / 6.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459