الساقين. فحملت عليه فطعنته في ركبته فوقع فقتلته (1)، وفي رواية الإمام أحمد: فاختلفت أنا وهو ضربتين، فبدرته فضربته فكبا لوجهه ثم قتلته (2).
وهكذا قتل عمار بن ياسر رضي الله عنه، وكان يوم صفين شيخا كبيرا، يقول عبد الله بن سلمة: رأيت عمارا يوم صفين شيخا كبيرا آدم طوالا. أخذ الحربة بيده ويده ترعد ويقول: والذي نفسي بيده لقد قاتلت هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات، وهذه الرابعة (3).
وبعد قتل عمار ظهر على الساحة لأول مرة " فقه البغاة " والعمود الفقري لهذا الفقه، إن الأمير إذا أمر بالسرقة أو بالقتل. فعند ظهور الضحية فإن الفاعل لن يكون الأمير بأي حال ربما يكون أقل جندي في قواته، وربما يكون بواب رواقه. وعلى سبيل المثال، لقد قتل النظام الحسين بن علي، ولكن النظام لم يظهر على امتداد التاريخ، وإنما ظهر ذو الجوشن الذي نفذ الخطة. ومن قبل الحسين ارتكبت جرائم عديدة كقتل حجر بن عدي واجتياح المدينة، وكل هذا فعله جندي من الجنود، أما أمير القوم فلم يكن يدري لأنه وقتئذ كان مشغولا بالصلاة.
روي أن عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان يقاتل يوم صفين ومعه سيفان (4)، روي أنه قال لأبيه: يا أبت قتلتم هذا الرجل في يومكم، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال. ألم تكن معنا يوم أن آتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: " ويحك تقتلك الفئة الباغية "؟ فدفع عمرو صدر فرسه. ثم جذب معاوية إليه. وأخبره بما يقول عبد الله فقال معاوية: إنك شيخ أخرق. ولا تزال تحدث بالحديث وأنت تدحض