في بولك. أو نحن قتلنا عمارا. من جاء به؟ (1)، وفي رواية عند الإمام أحمد قال معاوية: أو نحن قتلناه. إنما قتله علي وأصحابه. جاؤوا به حتى ألقوه بين رماحنا (2)، ثم خرج عمرو بن العاص ليؤصل هذا الفقه العميق فقال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قاتله وسالبه في النار ". فقيل لعمرو: فإنك هوذا تقاتله، فقال: إنما قال قاتله وسالبه) (3).
فقه واسع عميق. وروي أن ذا الكلاع سمع عمرو وهو يحدث معاوية بحديث: تقتله الفئة الباغية، فكان ذو الكلاع يقول: ويلك! ما هذا يا عمرو.
وشاءت الأقدار أن يقتل ذو الكلاع في المعركة. فقال عمرو لمعاوية: ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحا. بقتل عمار أو ذي الكلاع. والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمار لأفسد علينا جندنا (4).
وروي أن عمارا لما قتل قال أمير المؤمنين علي لربيعة وهمدان. أنتم درعي ورمحي، فانتدب له نحو من اثني عشر ألفا، وتقدمهم علي - فحمل وحملوا معه حملة رجل واحد، فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض، وقتلوا كل من انتهوا إليه. ثم نادي أمير المؤمنين وقال: يا معاوية علام تقتل الناس بيننا؟
هلم أحاكمك إلى الله. فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور. فقال عمرو لمعاوية: أنصفك الرجل. فقال معاوية: ما أنصفت. وإنك لتعلم أنه لم يبارزه رجل قط إلا قتله. قال له عمرو: وما يجمل بك إلا مبارزته، فقال معاوية:
طمعت فيها بعدي (5).
وعندما رفض معاوية مبارزة أمير المؤمنين، لأنه يعلم منه ما علم، ولأنه