وبالرغم من ذلك كان يأخذ بأسباب الحياة الكريمة. لينظر الله إلى عمله وماذا يفعل ابتغاء مرضاته تعالى. كان يقول: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أني أقتل بين صفين (1). وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن " (2). وروي أن عمارا تقدم وقد جنحت الشمس للغروب، ومعه ضح من لبن ينتظر غروب الشمس أن يفطر، فقال غربت الشمس وشرب الضح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آخر زادك من الدنيا ضح من اللبن (3)، وكان عمار يتذكر هذا على امتداد أيام صفين، وتقدم عمار فقاتل ثم رجع.
وفي اليوم رجع عمار إلى موضعه فاستسقي. فأتته امرأة من نساء بني شيبان من مصافهم بعس فيه لبن. فدفعته إليه. فقال: الله أكبر الله أكبر، اليوم ألقى الأحبة تحت الأسنة، صدق الصادق. وبذلك أخبرني الناطق. وهو اليوم الذي وعدت فيه. ثم قال: أيها الناس. هل من رائح إلى الله تحت العوالي (أي تحت الرماح) والذي نفسي بيده لنقاتلنهم على تأويله كما قاتلناهم على تنزيله.
وتقدم وهو يقول:
نحن ضربناكم على تنزيله * فاليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله (4) * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله (5).
وروي أن الذي سقاه هو أبو المخاريق (6)، وأنه بعد أن شرب اللبن نادي: