الأرض عن فرسيهما. وكان جملة من قتل علي بن أبي طالب في يومه وليلته خمسمائة وثلاثة وعشرون رجلا، أكثرهم في هذا اليوم، وكان علي إذا قتل رجل كبر إذا ضرب. ولم يكن يضرب إلا قتل (1).
وكان هذا اليوم للأشتر فيه نصيب كبير وروي أنه أنشد:
إن تقتلوا منا أبا * اليقظان شيخا مسلما فقد قتلنا منكم * سبعين رأسا مجرما أضحوا بصفين وقد * لاقوا نكالا مؤلما (2) وكان الأشتر يحرض الناس على امتداد أيام صفين ويقول: إن هؤلاء القوم لا يقاتلونكم إلا عن دينكم ليميتوا السنة: ويحيوا البدعة، ويعيدوكم في ضلالة قد أخرجكم الله عز وجل منها بحسن البصيرة. فطيبوا عباد الله أنفسا بدمائكم دون دينكم، فإن ثوابكم على الله والله عنده جنات النعيم. وإن الفرار من الزحف فيه السلب للعز والغلبة على الفئ وذل المحيا والممات، وعار الدنيا والآخرة (3).
وفي ليلة الهرير كان الأشتر يضرب ضرباته بكل قوة حتى اخترق صفوف أهل الشام. وأجري حولهم عمليات الالتفاف والتطويق. يقول ابن كثير: حمل الأشتر على أهل الشام وتبعه علي. فتنقضت غالب صفوفهم، وكادوا ينهزمون، فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح (4).
وخدعة رفع المصاحف أرست فيما بعد قاعدة المتاجرة بالشعار والشراء به ثمنا قليلا، وإذا كان الخوارج قد تاجروا بالدين بعد ذلك، فلا يمكن لباحث أن يهمل أول باب تم عنده المتاجرة بالكتاب على نطاق واسع. فالخوارج دخلوا من باب صفين بصورة من الصور، وكان ابن العاص صاحب فكرة رفع الشعار. ولم تأت الفكرة عشوائيا دون تجهيز وإعداد. فالقوم كانوا يعرفون من يواجهون -