بحكم القرآن، فإنهم قد عصوا الله عز وجل فيما أمرهم ونسوا عهده ونبذوا كتابه (1). فقالوا: يا علي أجب إلى كتاب الله عز وجل إذا دعيت إليه. وهددوه بالقتل إذا رفض إجابة الدعوة (2) فقال لهم: احفظوا عني نهي إياكم، واحفظوا مقالتكم لي. أما أنا فإن تطيعوني تقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم (3).
لقد كان أمير المؤمنين أول حاكم تظلمه رعيته. فالحكام على امتداد التاريخ ليس لهم إلا أن يأمروا وعلى الرعية أن تنفذ. أما الإمام لأن له مهمة محددة لا يجوز له أن يجبر فردا على عمل ما، فهو فقيه وعلى علم بالطريق، وعلى امتداد هذا الطريق يسير بمصباحه. فمن أراد أن يتجنب الحفر على سنة الله ورسوله - فعليه بحامل المصباح. وعلى امتداد هذا الطريق عهد إليه بعهود. ومع كل عهد شروط تنفيذه. وأهم هذه الشروط أن يجتمع الناس حوله ليضرب بهم من صد عن طريقه... فإذا فقد هذا الشرط فعليه أن يقيم الحجة وفقا لحركة الدعوة وحركة الواقع.
وبعد رفع المصاحف ظلمت الرعية قائدها. وأصدرت إليه الأوامر: قالوا له: ابعث إلى الأشتر ليأتينك. وكان الأشتر صبيحة ليلة الهرير أشرف على عسكر معاوية ليدخله (4). وتدخل القوم في سير الأعمال العسكرية، يشير إلى أن عددهم وقوتهم ولم يكن من السهل تجاهلهم أو تجاهل خطرهم على باقي القوات فضلا على حركة الدعوة. ولقد روي أن الذين اعتزلوا بحروراء فقط كانوا اثنا عشر ألف مقاتل (5). وروي أن الإمام عندما بعث للأشتر أن يأتيه. قال الأشتر لمبعوث الإمام: ليس هذه الساعة، إني قد رجوت أن يفتح لي فلا