المتعلقة (بالفضائل فقط) فأصدر سلسلة من المراسيم الملكية إلى كافة ولاته وأمرائه وعماله أمرهم فيها:
1 - بأن يرووا فضائل الخلفاء الثلاثة الأول وأن يركزوا تركيزا خاصا على فضائل الخليفة الثالث، وبعد ذلك يروون فضائل الصحابة.
2 - أن لا يتركوا فضيلة لعلي بن أبي طالب أو أحد من أهل البيت إلا ويضعوا فضيلة لأحد من الصحابة تنقضها وتشابهها. (راجع شرح النهج لابن أبي الحديد ج 3 ص 595. وما فوق نقلا عن المدائني في كتابة الأحداث:
(تحقيق حسن تميم)) وأمر معاوية الولاة والعمال والأمراء بأن يقربوا الرواة، ويجزلوا لهم العطايا والإقطاعات. وفجأة انشقت الأرض عن آلاف الرواة الذين رووا عشرات الألوف من أحاديث الفضائل التي لا أصل لها، والتي اختلقت لإرغام أنوف بني هاشم كما يقول ابن نفطويه، ولما تحقق لمعاوية ما أراد، وقدر أن فضائل أهل بيت النبوة قد ضاعت، أو فقدت قيمتها، وأن مكانتهم الدينية قد تلاشت تماما أمر معاوية بتدريس هذه المرويات في المدارس والجامعات والمعاهد، وفرض على العامة والخاصة تعلمها وحفظها، ودامت الحال حتى أواخر عهد الأمويين وبعد سقوط الدولة الأموية، ورفع الحظر والمنع عن رواية وكتابة أحاديث الرسول في بداية العهد العباسي نقل علماء الحديث كافة الروايات التي تمخضت عنها حملة معاوية، والتي احتضنتها الدولة الأموية وعممتها، وهي روايات متقنة من حيث الشكل لأنها قد وضعت تحت إشراف دولة ومن الممكن جدا بل ونكاد أن نقطع، بأن (لا مهدي إلا عيسى، والمهدي من ولد العباس، والمهدي رجل من الأمة)، كانت من هندسة معاوية وولاته ورواته لأنها تتفق مع المراسيم الملكية التي أصدرها في بداية عهده، وتخدم ذات الغاية: (لا تتركوا فضيلة لأبي تراب أو لأحد من أهل بيته إلا وتأتوني بمناقض لها من الصحابة) وكون المهدي من صلب علي فضيلة بموازين معاوية، وحتى تنقض هذه الفضيلة، لا بد من نفي فكرة المهدي، وإلصاقها بشخص آخر، وليكن عيسى ابن مريم ولما أدرك رجال معاوية أن النفي غير ممكن جعلوا المهدي نكرة من أفراد الأمة، ولما أدركوا عدم معقولية الفكرة، جعلوا المهدي من ولد العباس..