تلك المحاولات قد نجحت إلى حد ما. صحيح أن العباسيين لم يقفوا ضد علي وضد الحسن والحسين، ولكنهم لم يقفوا معهم أيضا، لقد قرر العباسيون أن يعملوا لصالحهم الخاص، وقدروا أن عملهم لصالحهم الخاص لن يؤتي أكله ولن يثمر، ما دام سبطا النبي الحسن والحسين أحياء!! لأنه ليس بإمكان أي عباسي أن يدانيهما بالشرف والقربى والمكانة. لقد قرر عبد الله بن العباس أن يعتزل وأن يتخلى عن الإمام علي، والإمام أحوج ما يكون إليه، لقد كانت فعلة عبد الله جرحا نازفا في قلب الإمام، تحمل آلامه العميقة في صمت وبلا إعلام. ومع الإمام الحسن قد عهد لعبيد الله بن العباس بقيادة أول جيش يشكله ومع أن معاوية هو القاتل عمليا لطفلي عبيد الله، إلا أن عبيد الله لم يجد حرجا ولا غضاضة عندما استمال ثلثي الجيش الذي سلمه الإمام الحسن قيادته وانضم إلى معاوية عدو آبائه وأجداده وأحد قادة قدامي المحاربين ضد الله ورسوله!! فكانت فعلة عبيد الله الضربة المعنوية القاتلة التي أصابت من الحسن ومعسكره مقتلا يصعب علاجه!!
فإذا كان عبيد الله ابن عم النبي ينضم لمعسكر معاوية طمعا بما عنده من دنيا، فما الذي يجبر أعرابيا لا دين له على البقاء في طاعة الإمام الحسن!! إنها من ضربات قيادة البطون ومن ثمرة ثقافاتها، لأن قيادة البطون وثقافتها المعادية لآل محمد تعرف بالتجربة المقاتل تماما!!
إنه ليس من المستبعد أن يتولى أعداء أهل بيت النبوة الذين أشربوا الثقافة المعادية لأهل بيت النبوة وضع عدة أحاديث تبين أن المهدي المنتظر الذي بشر به الرسول من ذرية العباس عم النبي، وليس من أهل بيت النبوة كما يزعمون!!
والقصد نفسه يتمثل باستعداء العباسيين على أهل البيت وعزل أهل بيت النبوة عن الأمة، ومحاولة صرف هذا الشرف عنهم، خاصة وأن كافة الأحاديث النبوية قد رويت وكتبت في عهد بني العباس، وأن رواة هذه الأحاديث الذين جمعوا يخضعون للحكم العباسي، وما هي مصلحة بني العباس بنفي هذا الشرف عنهم، إن مجرد الزعم بأن المهدي من بني العباس يشكل دعما لنظامهم، وتثبيتا لأركان ملكهم!! ثم ما هو الفرق بينهم وبين آل أبي طالب!! أليس العباس عم النبي