وليس من المستبعد أيضا بأن النبي عندما أخبر الأمة بما كان وما هو كائن، أن يكون قد قال للعباس بأن ذرية العباس ستستولي على الخلافة بالقوة يوما ما، وأن من جملة ملوكهم أو خلفائهم رجال يلقبون أحدهم بالسفاح والآخر بالمنصور، والثالث بالمهدي. ومصطلح المهدي مجرد لقب لقب به وعرف به، وهذا اللقب لا يجعل منه المهدي الذي بشر به الرسول، فإذا سميت ابنك أو أحد الملوك بالمهدي فهل يصبح بموجب هذه التسمية المهدي الذي بشر به رسول الله؟؟!
ومن المؤكد أن العباسيين كانت لهم دولة، وكانت لهذه الدولة أجهزتها السرية المكلفة بدعم النظام والمحافظة عليه بالأساليب الخفية، كما تفعل الدول اليوم، ومن الجائز أن تكون الدولة قد استغلت إخبار الرسول للعباس، بما هو كائن، فطورت هذا الحديث واختلقت توابعه!! مع أن كافة الأحاديث المتعلقة بمهدي العباسيين ساقطة بكل الموازين التي أوجدها علماء الحديث، ومعارضة لأحاديث المهدي المنتظر الصحيحة والمتواترة عندهم.
وليس من المستبعد أن تكون أحاديث مهدي العباسيين، ومهدي الأمة المجهول، أو نفي فكرة المهدي عن الجميع وقصرها على عيسى ابن مريم من اختلاق الأمويين وأوليائهم لنفس الغايات والأهداف التي أشرنا إليها وتفصيل ذلك:
أن الخلفاء الثلاثة الأول كانوا قد منعوا كتابة ورواية الأحاديث النبوية، وأحرقوا المكتوب منها، ورفعوا شعار (حسبنا كتاب الله)، ولم يأذنوا برواية إلا ما يتفق مع توجهاتهم وسياساتهم.
وعندما آلت الخلافة إلى علي بن أبي طالب بدأ نشر الحديث بأسلوب المناشدة والاستشهاد بقدامى المحاربين من الصحابة، وأوشكت الأمور أن تتضح، وكاد الحبل أن يفلت من بناة دولة الخلافة وأوليائهم، ولكن في بداية الطريق برز معاوية بن أبي سفيان والي الشام، وأحد مؤسسي نظام الخلافة، وأبرز أركان دولة الخلفاء الثلاثة الأول، وعندما غلب معاوية أمة محمد واستولى بالقوة على منصب الخلافة، قاد بنفسه حملة كبرى لرواية وكتابة أحاديث الرسول